للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ عَلَينَا لَخَسَفَ بِنَا} [القصص: ٨٢]، {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَينَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: ٢٧]. فهذا كله منّ رحمة وإنعام. ومن منّ الإعطاء الماديّ {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيرِ حِسَابٍ} [ص: ٣٩]، {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤] المَنّ أن يُطلَق الأسيرُ بغير فداء [معاني الفراء ٣/ ٥٧]. وكذا كل (مَنَّ) ومضارعها وأمرها ومصدرها- عدا ما يأتي.

أما "المَنّ والامتنان: التقريع بالمِنّة "فهو من ذكر المِنّة. وأرى أن المَنّ هنا اسم مصدر للامتنان. {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: ٢٦٤] وكذا ما في ٢٦٢ منها وما في الحجرات: ١٧].

وقوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦]، فقد فُسّر بالإعطاء للاستكثار، وبالامتنان بذكر العمل [الفراء ٣/ ١ ٢٠ والراغب ٤٧٤] وذكر له [قر ١٩/ ٦٧] أحد عشر تأويلًا. وأرى أن التفسير الأول هو الدقيق. والنهْيُ تعليم للأمة كلها من خلال رسولها الأكرم - صلى الله عليه وسلم - كما في {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: ٤ - ٥] السابقتين على الآية المذكورة.

بقى (المَنّ) الذي أنزله الله على بني إسرائيل {وَظَلَّلْنَا عَلَيكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [البقرة: ٥٧] وهو في الاعراف: ١٦٠، طه: ٨٠]، مفاد كلام الزجاج أنه عند المفسرين شيء كان يسقط على الشجر حُلْوٌ يُشْرب، وأن اللغة لا تعرف ذلك [ل ٣٠٦] وأقول إنه في ضوء حديثه - صلى الله عليه وسلم - "الكمأة من المن "يجوز أن يفسر المنّ بأنه نوع من الكَمأة وهي تنبت بَعْلِيَّةَ بلا بَذْر ولا سَقْي تحت سطح الأرض (كالبطاطس)، ولم يكن عليهم إلا استخراجها وأكلها. وهذا وضع أقرب إلى المعتاد (ولا ينقص بحال قدرَه من حيث هو نعمة ورزق عاشوا

<<  <  ج: ص:  >  >>