ليلتفت أو ليحضر عند المنادي {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ}[هود: ٤٢]، (ويلحظ في سياق القصة أنه كانت بينهما مسافة بعيدة). ومن شواهد كون النداء برفع الصوت مما جاء في وصف ما يعتري الشيخ من كِبر السنّ:
إذا ما الشيخ صَمّ فلم يُكلَّم ... وأودى سمعه إلا نِدايا ([ل: ودى، ندى])
ولذا فإن {الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ}[الحجرات: ٤] استحقوا ما وُصفوا به لأنهم كانوا يصيحون عليه - صلى الله عليه وسلم -.
ولا يشكل عليه {نِدَاءً خَفِيًّا}[مريم: ٣] لنسبية رفع الصوت وبخاصة عند التفرع لله عزَّ وجلَّ، كما أنه يتأتى برفع الصوت مع كون المنادِي في جوف بيت، أو منفردًا في خلاء فلا يسمعه بَشر. و "التنادي: نداء بعضهم بعضا "{فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ}[القلم: ٢١]{إِنِّي أَخَافُ عَلَيكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ}[غافر: ٣٢] تفسيرها بعدها {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} أي عند النفخ في الصور نفخة الفزع ينادي بعضهم بعضا (أي كلٌّ أحِمّاءه)[ينظر قر ١٥/ ٣١١ - ٣١٢] وهذا أقرب مما ذكر في [بحر ٧/ ٤٤٤].
ب) والنادى والنَدِيّ: الذي يجتمع فيه القوم سُمِّي بأنه المكان الذي يأتون إليه من بعيد ليلتقوا {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}[العلق: ١٧] أي أهل ناديه- ردًّا على قول أبي جهل: ما بالوادي أكثر ناديا مني. وهو أمر تعجيزي أي لا يُقْدِرُه الله على ذلك [بحر ٨/ ٤٩١] أقول: ولو أقدره ما أغنى عنه ناديه شيئًا. {أَيُّ الْفَرِيقَينِ خَيرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا}[مريم: ٧٣] كانوا يفاخرون بأنهم "الملأ "وأنهم "أحسن أثاثًا ورئيًا "فقوله: "النَدْوة: الجماعة "هي من ذلك أصلًا.