° المعنى المحوري الإمداد بما فيه زيادةٌ مناسبةٌ وقوة: كما تمد النواصر الأوديةَ والتلاعَ بالماء، وكما يمد الغيثُ الأرضَ، والعطاء.
ومن ملحظ الإمداد بالزِّيادة والقوة جاءت (النُصْرة - بالضم: حُسْنُ المعونة / إعانة المظلوم "وهذا -أعني المعونة- هو أَشْيَعُ معاني النصر. وليس الغلب من معاني التركيب الأصلية، وإنما يتأتى باللزوم للمعونة، وبمساعدة الاستعلاء في (عَلى). تأمل الجمع بينهما في {وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (١١٦)} [الصافات: ١١٦]، {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِه}[آل عمران: ١٦٠]. وتأمل كذلك {وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ}[الحشر: ١٢]{إلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَينِ}[التوبة: ٤٠]، فلم تكن هنا حرب وغلب، وإنما هي الهجرة والمعونة عليها. وكذلك أيضًا مقابلتها بالخِذْلان في آية آل عمران. {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ}[الأنفال: ٧٢]، أي استعانوكم.
ومن مجيئها بمعنى المعونة التي يترتب عليها الغلب:{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيهِمْ}[التوبة: ١٤]. وسائر ما في القرآن من التركيب ومنه (نصر)، (ناصر)، (نصير) فهو بمعنى المعونة حالًا أو مآلًا.
ومن الإمداد المذكور استُعمل النصر بمعنى الإنقاذ أو الخلوص من العذاب -وهو سلامة وبقاء قوة، فهو من جنس المعونة التي هي تقوية، وذلك بمعونة التعدية بـ (من) -كما في قوله تعالى:{وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ}[هود: ٣٠ وكذا ما في ٦٣ منها، وما في المؤمنون ٦٥، الزمر: ٥٤]. وكل (يُنصَرون) وإن كان بعضها يحتمل معنى المعونة.