للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن التقدم "هَدَيْتُ العروسَ إلى زوجها: زفَفْتها (قدّمتها) وهي هَدِيّ وهَدِيّة كغَنِيّ وغَنية ". وأهديت إلى البيت هَديًا (تَقدِمَة). {فَمَا اسْتَيسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦].

ومن ذلك التقدم توجهًا إلى المراد عُبِّر بالتركيب عن الدلالة "الهادي: الدليل "لأنه يَقْدُم القوم نحو وجهتهم (ليدلهم). و "هَدَاه: تقدمه "ثم منه "الهدى: الرشاد والدلالة ضد الضلال. {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢] , {وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا} [إبراهيم: ١٢]. دلنا عليها {لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالمِينَ} [آل عمران: ٩٦] البيت هدى للعالمين لأنه مكان معين يكون الاتجاه عنده إلى خالق الكون أرْجى للاهتداء إلى الدين الحق. وهذا جانب صحيح من كونه قبلة، إلى أنه المطاف والمصلى، وفيه آيات دالة على الله تعالى [ينظر بحر ٣/ ٨، أبو السعود ٢/ ٦٠]. والجمهور الأعظم مما في القرآن من التركيب هو بمعنى التوجيه إلى سبيل الرشد خاصة سواء ذُكِر المهدِيّ إليه أو لم يذكر، ربما لأن المفروض في توجيه المتقدم غيره أن يكون إلى الرشد (كالرائد)، ومن هنا استعمل الهدى ضد الضلال. ثم إن ما حكى من قول فرعون {وَمَا أَهْدِيكُمْ إلا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: ٢٩] فهذا زعمه هو. وبناء على الأصل أعني مجرد التوجيه إلى المراد جاء {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣)} [الصافات: ٢٣]. وكذا {إِنَّا هَدَينَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (٣)} [الإنسان: ٣] {وَهَدَينَاهُ النَّجْدَينِ (١٠)} [البلد: ١٠] بينّاهما. {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَينَاهُمْ} [فصلت: ١٧] بَيَّنا لهمَ طريق الهدي وطريق الضلالة (دللناهم). وآية التركيب تعني (أو لم يتقدم أمامهم ويعرفوا أن من

<<  <  ج: ص:  >  >>