للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى الفصل المعجمي في ثلاثياته، مع وجود مقابل الحرف الثالث، هو أيضًا يثبت أن لكل حرف ألفبائي معنى مستقلًّا. ثم تبين إمكان ربط معنى الحرف بجرسه الصوتي، وخصائصه الصوتية المتمثلة في مخرجه، وكيفية خروجه بصفاته؛ فحاولت تحديد ذلك أخذا بالأصل، وهو التعبير لا العشوائية. وهذا التعبير هو ما يُسَمى المناسبة بين أصوات اللغة ومعانيها، وقد سبق إلى بيانه وإثباته الإمام ابن جني (١). هذا مع كون المعنى اللغوي للحرف ومناسبته صوتيا لمعناه متعدِّدَي الصور، في نطاق المعنى نفسه والمناسبة (٢). وذلك طبيعي، لاشتراك الحرف في تراكيب بالغة الكثرة، متنوعة المعاني. وقد حددنا لكل حرف معناه؛ تحقيقا وخروجا عن الهلامية.

وبثبوت ذلك كله بما يشبه رَأْيَ العين، فإنه ما كان يسوغ لي ولا لغيري أن يغفل هذه الخصيصة للعربية، فتندفن وتغيب عن أهلها -في حين أنها حق العربية، وحق لأهلها، وهي من ذكرهم الذي امتن الله به إذ أنزل القرآن بالعربية {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (٤٤)} [الزخرف: ٤٤].

• وحرصًا على الهدف الأساسي للمعجم عزلنا المعالجة التطبيقية لبيان المعاني اللغوية والصوتية، حرف الفصل مطبقة في تراكيبه، لتكون في حاشية في أول كل فصل معجمي، فيبقى المتن خالصًا لمعنى كل تركيب من تراكيب الفصل، مع التطبيق على مفردات كل تركيب في سياقاتها القرآنية وغير القرآنية. وذيّلنا متن الفصل بالمعنى المشترك بين تراكيب الفصل، مع إيجاز سورة تحقق ذلك المعنى في كل تركيب.


(١) ينظر (الخصائص) لابن جني. تحـ الشيخ محمد على النجار ٢/ ١٤٥ - ١٦٨، والمزهر ١/ ٤٧.
(٢) أعني نسبه تحقق المعنى وتنوع صوره. مثلا تماسك العجين عند إجادة عجنه في قول سيدنا عمر: "املكوا العجين "يعدُّ من باب الشدة والاشتداد، واستعمل له الفعل (ملك) كما استعمل في قول الشاعر (ملكت بها كفي فأنهرت فتقَها) الضمير في (بها) للقناة (الرمح). فإمساك الرمح للطعن به يكون في غاية الشدة، لكنهم استعملوا له نفس اللفظ المستعمل لتماسك العجين: ملك. أما تنوع صور المعنى الواحد فسيتكشف لدارس المعالجات هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>