لَيَئُوسٌ كَفُورٌ} [هود: ٩] إنه شديد اليأس كثيره، ييأس أن تعود إليه تلك النعمة المسلوبة، ويقطع رجاءه من فضل الله، من غير صبر ولا تسليم لقضائه، ولذلك {وَلَا تَيأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (٨٧)} [يوسف: ٨٧]. {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ}[المائدة: ٣] يئسوا من اضمحلال أمر الإسلام وفساد جمعه؛ لأن هذا أمر كان يترجاه من بقي من الكفار (إلى يوم فتح مكة)[بحر ٣/ ٤٤٠ وهو عن ابن عطية]. {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ}[الطلاق: ٤](أي انقطعت عادة الحيض عندهن، وإنما استعمل اللفظ هنا؛ لأن نزول الحيض علامة بقاء الشباب. وكل امرأة تحب ذلك). {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ} هم اليهود أو الكفار قد يئسوا من الآخرة لكفرهم بها، أو لعلمهم بأنه لا خلاق لهم فيها، لعنادهم الرسول المنعوت في التوراة المؤيد بالآيات، {كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}[الممتحنة: ١٣] كما يئس الكفار الذين ماتوا منهم؛ لأنهم وقفوا على حقيقة الحال، وشاهدوا حرمانهم من نعيمها المقيم وابتلاءهم بعذابها الأليم [أبو السعود ٨/ ٢٤١] كأنه وعيد مرهب للكفار. {فَلَمَّا اسْتَيأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا}[يوسف: ٨٠] يئسوا أشدَّ يأس لما شاهدوه من عَوْذِ (العزيز) بالله مما طلبوه الدالّ علي أن ذلك عنده في أقصى مراتب الكراهة، وأنه مما يجب أن يعاذ بالله منه [أبو السعود ٤/ ٢٩٩]. وصورة المبالغة باستعمال صيغة الاستفعال هنا تتمثل في فشل مقاومة الوصول إلى حالة اليأس. وكذلك الأمر في {حَتَّى إِذَا اسْتَيأَسَ الرُّسُلُ}[يوسف: ١١٠] فلا شك أن الرسل لم يشعروا اليأس إلا بعد أن تطاولت وتمادت مدة التكذيب والعداوة من الكفار، وترقُّب الرسل وقوعَ عذاب الله الذي أَنذروا به الكفار دون أن يقع،