وفي ضوء ذلك المعنى يمكن فهم {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ}[القصص: ٧] وكذا ما في [طه: ٣٨]، {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ}[المائدة: ١١١]: قذفت في قلوبهم: ألهمتهم: [طب ١١/ ٢١٨]، ويشمل الوَحْيَ بالكلام المباشر، وبواسطة الرسل {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}[الشورى: ٥١]، والإلهام، والإلقاء في الرُوع، والغرز في الطبع كما في {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} ونحوها. {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا}[فصلت: ١٢](وضع وأوعى) وقال الفراء: جعل فيها ملائكة فذلك أمرُها (المعاني ٣/ ١٣). وكل ما في القرآن من التركيب هو من الوحي بأي من الطرق السابقة، والسياق يوضح الطريقة المرادة.
ومن حصول الشيء القوي في الحوزة بلطف:"أَوْحَى الإنسان: صار مَلِكًا بعد فقر (ويجوز صار ذا وَحْي أي أمر أو سلطة)، والوَحَي -كالفتى: السيد من الرجال "(المالك شيئًا مادِّيًّا أو معنويًّا).
ومن "اللطف مع الحدة في الأثناء "في المعنى المحوري جاء معنى الإسراع في معنى "وَحَي ذبيحته: ذبحها ذبحً سريعًا وَحِيًّا. وموت وَحِيّ -كغني: سريع. والوحا الوحا: السرعةَ السرعةَ. وتوحّ في شأنك: أَسْرِع ".
ومما سبق يتبين أن الذي ذكروه [ل ٢٥٨ وفي المقاييس] من أن الأصل هو الإعلام في خفاء= قاصر غير جامع، إذ لا يشمل معاني حصول الملك والسيادة إلخ.