تُكور معًا ثم تُدَسّ في حياء الناقة شيئًا فشيئا، وكأخذ الدلو الماء من البئر برفق، ولفّ الميت في الكَفَن والقبر برفق، وكاللَبَن يَتَجمع في ضَرَّة المُصَرَّاة شيئًا بعد شيء .. ومنه "دَرَجُ البناء -محركة وكسُكّر: مراتبُ بعضها فوق بعض (أي السلم المجسم الدَرَج من حجر أو خشب، فدرجاته تشبه بتكتلها وتتاليها .. المدارج: أي الثنايا الغلاظ بين الجبال، ثم إنها يُرْتَقَى بهما إلى غرفة أو سطح شيئًا بعد شيء) ومن معنوى هذا {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ}[الأنعام: ١٦٥]، {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}[البقرة: ٢٢٨](هي القوامة، وعند الاختلاف كلمته). وكذلك سائر ما في القرآن من (درجة) و (درجات).
ومن معنى الضم والطيّ "دَرَجَ الشيءَ وأدْرجه: طواه وأدخله. والدَرج بالفتح والتحريك: الذي يكتب فيه " (صحيفة تلف كالأسطوانة أي يطوى بعضها في بعض كذلك حفظًا لها). ومن معنوى هذا "دَرَج فلان: مضى لسبيله، وفلان: لم يُخَلّفْ نسلًا، والقوم: انقرضوا ". (كل ذلك انطواء ذهاب).
وقالوا "استدرجت الريح الحصا: صيّرته إلى أن يَدْرُج على وجه الأرض من غير أن تَرْفعه إلى الهواء. واستدرجه: أدناه منه (أو إلى الشيء) بالتدريج {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ}[الأعراف: ١٨٢، القلم: ٤٤]، نَدَعهم يتمادَون رغم أوزارهم بأن لا نأخذهم بها أولا بأول. وبأن نُمِدّهم بالنعم رغم ذنوبهم حتى يُطوَوْا في شرّ عاقبة. كقوله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون: ٥٦]، وكما استعاذ عمر من الاستدراج لمّا حُمِلَت إليه كنوز كسرى.