للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٩] أيضًا {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} وفي آية مريم نوعان من الميراث، وآية الأنبياء فيها إشارة للميراث. وقول ابن سيده: "إنما أراد يرثني ويرث من آل يعقوب النبوة "ونفى أن يكون خاف أن يرثه أقرباؤه المال، لقوله - صلى الله عليه وسلم - إنا معاشر الأنبياء لا نورث. ما تركنا فهو صدقة "= فيه نظر بالنسبة لقصره الميراث هنا على النبوة. وقوله عز وجل: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: ١٦]، قال الزجاج: ورثه نبوته وملكه. وفي النفس شيء من القطع بتفسير الموروث هنا بأنه النبوة. وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: ١٨٠]، أي الله يُفْنِي أهلهما فيبقيان بما فيهما وليس لأحد فيهما مِلْك، فخوطب القوم بما يعقلون لأنهم يجعلون ما رجع إلى الإنسان -بما مُوَرِّثٍ ميراثًا له، ومِلكًا له. {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ} أي أرض الجنة {نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} (نتبوأ منها من المنازل حيث نشاء) والوارث صفة من صفات الله عز وجل، وهو الباقي الدائم الذي يرث الخلائق ويبقى بعد فنائهم. والله عز وجل يقول {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا} [مريم ٤٠] ويقول {وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ} [الحجر ٢٣] {وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} القصص: ٥٨] وهو خير الوارثين أي يبقى بعد فناء الكل، ويفني ما سواه فيرجع ما كان ملك العباد إليه وحده لا شريك له. وقوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: ١٠ - ١١]. "والتراث: ما وُرِث " {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا} [الفجر: ١٩]. وسائر ما في القرآن من التركيب عدا ما هو من الوراثة بمعنى حوز تركة الميت أو قسط منها، فهو بمعنى أن يئول إليه ما كانه بيد غيره بخلافة فيه أو تقلب أو بمعنى أن تكون العاقبة له فيه تشبيهًا بأيلولة الموروث إلى الوراث {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ} [الأعراف: ١٦٩]

<<  <  ج: ص:  >  >>