ذاك السمن تكوّن حديثا فإنه لم يشتد، ولذا يذوب بسرعة. وكذلك الأرض فإن طلوع أول نبتها علامة على أنها قَبِلت الحبّ في بطنها وأنه أمسك بها وكوّن جذورًا. ومن ذلك "المِزْعامة: الحية لسُمّها. وأزعَمَ اللبنُ وزعّم - ض: أخذ يَطيب (بدأ دَسَمه)، والزعامة - كسَحَابة: الدِرْع "(تحتوي الصدر في داخلها وتظهر الأذرع) ومن ذلك الأصل "زعم (تعب وكقعد): طَمِع (تولدت في نفسه شهوةُ ضَمِّ الشيء وحوزه - انظر همم) وأمر مُزْعِم - كمُحْسِن: مُطْمِع ".
"والزعيم: الكفيل "(الشيء في ذمته){وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}، {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ}[القلم: ٤٠]. وقال عمرو بن شاس:
تقول هَلَكنا إنْ هلكْتَ. وإنما ... على الله أرزاقُ العباد كما زعم
وقال آخر:(سُينْجِزُكمُ رَبُّكم ما زَعَم)(فزَعَم هنا وهنا بمعنى تكفّل وضمِن).
ومن هذا "تزاعم القوم على كذا: تضافروا عليه "(تكافلوا وتضامنوا) ومن ذاك "الزعامة: السيادة (كأن الزعيم "السيد "يضمهم في حوزته ثم هو لرياسته ضامن وكافل).
ومن الأصل كذلك "زَعَمَه كذا: ظَنَّه (الظن هنا فِكر يتكون في القلب ضعيفًا ليست له صلادةُ العلم المستيقن) ومن هنا قال في [ق]"الزَعْم - مثلثة: القولُ الحقُّ، والباطلُ، والكذبُ ضد (كذا - ولا تضاد في الأصل كما رأينا - فالأصل أنه قول على ضَمان صاحبه، أو هو ظن عنده قاله. وانظر في نظير أكثر تلك المعاني: (ظَنن). ومجيء (زَعَم) بمعنى الظن هو الذي جعلها تحمل معنى الكذب - و "التزعم: التكذب "كما قالوا "زَعَمُوا كنية الكذب ". ولذا قالوا إن