والنمش صفاء للجلد فتزهو البشرة. والشفاء من الآلام الباردة قوة وصلابة لباطن الجسم. والشفاء من الماليخوليا حدة للعقل وكذا الشفاء من السعال وعسر النفس والغيظ وكذا قوة القلب وانشرح الصدر. كل ذلك تصحيح وفي بعضه إحداد أيضًا. وقد سقنا هذا لبيان تأتى هذا الاحتمال. وقد ذكر ف عبد الرحيم محقق المعرّب ما يرجح أن كلمة زنجبيل انتقلت من السنسكريتية إلى الفارسية وسائر اللغات. وبعدُ فإن القرآن الكريم وصف خمر الجنة بأنها {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ}[الصافات: ٤٧]، {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ}[الطور: ٢٣]. فلعل قوله تعالى:{وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا}[الإنسان: ١٧]. يفسر لنا سر يقظة الذهن والعقل الذي يصحب خمر الجنة فلا تغتال عقل شاربها: أنها مزجت بما يوقظ العقل ويُحِدُّه ويذكيه.
وفي ضوء أن الزنجبيل نبت عربي ينبت بعمان وبالشام، وأن اسمه يعنى ذاته أو أثره أو كليهما كما سبق، فدعوى تعريبه عن الفارسية (شنكبيل) أو غيرها كما ورد [في المتوكلي للسيوطي، وفي المعرب للجواليقي. ص ٢٢٢] مهتزة. ويزيد دعوى التعريب ضعفًا أن معالجة المادة صوتيًّا فقط تسلكها ضمن أخواتها العربيات دون أي شذوذ. فقد بان في أول الفصل أن (زن) تعبر عن اكتناز بشيء شديد في الباطن كما أن (جبل) تعبر عن تكون الجرم غليظًا شديدًا متماسكًا. وبضمهما نجدهما يعبران عن شدة في باطن الجرم مع قوة أو صلابة. والحدَّة من باب الشدة، ويفسرها أثر الزنجبيل في الباطن أو عروقه الغلاظ الحريفة في الأرض كما سبق عرضه. وإن تناولنا المادة بطريقة صوتية ثانية فإن (زنج) تعنى شدة العطش وجفاف الباطن حتى يتقبض وهذا يشبه الحرافة في الباطن و (بل) تعنى