الفراغ هذا. وقوله تعالى:{ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ}[غافر: ٧٢] معناه يطرحون فيها وَقُودًا لها [قر ١٥/ ٣٣٣] أي تسجر بهم، وهذا من قولهم "سجر التنُّورَ: أوقده وأحماه، وقيل أشبع وقوده. والسَجُور - كصبور: ما أوقد به "فتوالي إمداد النار بوقودها من باب توالي (الانحدار) إلى الحيز والتجمع فيه. أما قوله تعالى:{وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}[التكوير: ٦] فمعناه ملئت وفاضت .. وقيل صارت بحرًا واحدًا من الحميم من سجرت التنور، أو فُجّر بعضها في بعض واختلط الملح بالعذب. [قر ١٩/ ٢٣٠ والكشاف ٣/ ٣٢٥] وكل جائز لغويًّا - من حيث إن التفجير يؤدي إلى اندفاع الماء بانحداره إلى الأعمق واحتباسه فيه. والتفجير من قولهم "سَجَّر هذا الماء أي فجّره حيث تريد "فتفجير المائع المحتبس يلزمه توالي خروجه كالمنحدر إلى حيّز آخر. وكأن أصل هذا المعنى من إصابة الممتليء. فهو من المعنى المحوري. ولا أستريح إلى تفسير (سُجّرت) بـ (ذهب ماؤها) كما في [ل]. أو (تيبس فلا يبقى من مائها قطرة) قول في [قر ١٩/ ٢٣٠].
وقد قالوا "لؤلؤ مسجور إذا انتثر من نظامه ". المقصود سقوطه من خيط نظمه انحدارًا متواليًا كما في قوله:
كاللؤلؤ المنثور أُغفِلَ في ... سِلك النظام فخانه النظمُ
قال "أي كأن عيني أصابتها طَرْفة، فسالت دموعها منحدرة كدُرًّ في سلك انقطع، فتحدر دُرّه "فهو من الانحدار في المعنى المحوري، ولا شاهد فيه لتفسيره (سُجِّرت) بـ (ذهب ماؤها).
ومن الاستعمالات المادية للتركيب "سَجَر الكلبَ: طوّقه بالساجور، وهو طوق من حديد مسمّر بمسامير حديدة الأطراف "[الأساس] فهذا حبس