ومن الأصل:"السِجِلّ - كفِلِزّ: الصكّ، والكتاب الكبير (يتضمن ما يُكتب فيه) والصحيفة، والكاتب [تاج](الكتابة في صحيفةٍ مَلءٌ، كما نقول ملأ أو عبّأ استمارة){كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}[الأنبياء: ١٠٤]. (وكأن الكتب هنا الصفحات أو الوثائق المكتوبة، وعلى قراءة "للكتاب "فالكتاب: الصحيفة، والكلام المكتوب فيها أيضًا. فالمعنى كطي الصحيفة من أجل الكلام المكتوب فيها، أو لتضمنها إياه، أو كطيّ الكاتب للصحيفة كما قال {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}[الزمر: ٦٧].
ومن مراعاة الصب وحده (أي دون قيد كون ذلك في ظرف) قالوا: سَجَلْت الماءَ فانسجل، أي: صببته فانصب. ومنه: سَجَله بالشيء: رماه به من فوق. و "افتتح سورة النساء فسَجَلها، أي: قرأها قراءة متصلة، هي من "السَّجْل: الصَبّ ". وكذا "السِجِّيل - كسِكَّير: حجارة المَدَر "{تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ}[الفيل: ٤]. (أعدَّت للصب عليهم) وهي على هذه الصيغة لذلك. كأنها مُعْلمة (مسوّمة) أو مُعَلمة أن تصيبهم. وقد قيل: السِجِّيل (الحجارة) معرَّبة عن سنك كيل الفارسية، لكن الكلمة واضحة العروبة بصيغتها وبانسجامها مع معنى التركيب. وفي [ل] أكثر من نصف صفحة في هذا. وقد سلَّم الأزهري وغيره بتعريب الكلمة. وجوّز الزجَّاج رجوع الكلمة إلى السَجْل: الصَبّ، كأنها مرسلة عليهم، وإلى التسجيل: الكتابة، أي من سِجِلّ، أي مما كتب لهم، وربط بينها وبين قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (٨) كِتَابٌ مَرْقُومٌ} [المطففين: ٧ - ٩] وكأن الجوهري جوز المعنيين. والأول من كلام الزجاج يفصّله ما قلناه. وأزيد أنها لو كانت معربة عما قالوا لكان الأقرب