للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأرسلتُه مستيقِنَ الظنِّ أنه ... مخالطُ ما بين الشراسيف جائفُ

انتهى ما قال البيضاوي. وليُلْحَظ استعماله التوقع، واتكاؤه في التأويل على تشبيه الظن بالعلم في الرجحان، وعودته إلى التوقع.

وأما عن قبول هذا المستوى في الإيمان. فعلينا أن نستحضر:

أ) أن اليقين بأمر ما = تتفاوت درجاته بين علم اليقين، وهو أدناها ويكون عن النظر والبرهان، وعين اليقين وهو أوسطها ويكون عن المعاينة، وحق اليقين وهو أعلاها. ويكون عن الانغمار والمخالطة (١).

ب) وأن الإيمان بالغيب هو شطر الإيمان {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: ١ - ٣] والغيب هو الخفي الذي لا يدركه الحِسّ ولا يقتضيه بديهة العقل. وهو قسمان: قسم لا دليل عليه، وهو المعنى بقوله تعالى {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: ٥٩] وقسم نُصب عليه دليل كالصانع وصفاته والوم الآخر وأحواله، وهو المراد به في هذه الآية "اهـ من أنوار التنزيل. بل أقول إن التأمل في آية الغيب هذه وتفسيرها قد يجزم بأن الإيمان بالغيب هو محور هذا الدين -وليس الشطر فحسب. والذي نحن فيه في {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: ٤٦] وأختيها هو أمر غيب بكل جوانبه أعني اعتقاد لقاء اللَّه. فهي عقيدة في القلب في شيء مغيَّب غير معايَن.


(١) تفصيله في كشاف اصطلاحات الفنون (بسج) ٤/ ٤٧١، الكليات للكفوي تح د. عدنان درويش ومحمد المصري ٩٨٠، وهو عن أنوار التنزيل للبيضاوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>