جيدة {أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ}[النساء: ١٦٦]: أنك خِيرتُه من خَلقه، وأهل لإنزاله عليك لقيامك بكل حقوقه. أو بعلمه بما يحتاج إليه العباد [وانظر بحر ٣/ ٤١٥].
ومنه "العالَم: الخَلْق كله أي أن معناه هو جميع المخلوقات. قالوا: ولا واحد للعالم من لفظه، لأن (عالمًا) جمعُ أشياء مختلفة. فإن جُعِل (عالمٌ) اسمًا لواحد منها صار جمعًا لأشياء متفقة. والجمع عالَمون ولا يجمع شيء على فاعَل بالواو والنون إِلَّا هذا [ل ٣١٥]{الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة: ٢] قال ابن عباس: رب الجن والإنس. وقال قتادة: رب الخلق كلهم. قال الأزهري: الدليل على صحة قول ابن عباس قوله عزَّ وجلَّ {تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان: ١]. وليس النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نذيرًا للبهائم ولا للملائكة وهم كلهم خلق اللَّه، وإنا بعث -صلى اللَّه عليه وسلم- نذيرًا للجن والإنس. {وَأنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}[البقرة: ٤٧، ١٢٢، وكذا ما في الأعراف: ١٤٠، الجاثية: ١٦] في [بحر ١/ ٣٦٤] أي عالَمِي زمانهم، أو على كل العالمين بما جعل فيهم من الأنبياء. ويدفع هذا القولَ الأخير قوله تعالى لأمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[آل عمران: ١١٠]. . . قال القشيري: أشهد بني إسرائيل فضل أنفسهم، وأشهد المسلمين فضل نفسه هو سبحانه فقال {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}[يونس: ٥٨] وشتان بين مَن مشهوده فضلُ ربه، ومن مشهوده فضل نفسه. فالأول يقتضي الثناء، والثاني يقتضي الإعجاب. اهـ. وأضيفُ أن اللَّه تعالى قال {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأنعام: