للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا المعنى نفسه يمكن أن تستعمل فى قراءة الكتاب أي بالنظر بالعين إذ معناه أن رموز الكلام التي فيه قد انتقلت هي ومعانيها إلى صدرك حين اطّلعت عليها. وقد تقول قرأت ما في الكتاب إذا نظرته بعينيك واستوعبت ما فيه {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: ٩٤]. ثم استعمل في التلفظ بما هو محفوظ في القلب وإلقائه كلامًا صوتيًّا. والقرآن سمي كذلك لمعنى التلفظ بالمجموع في القلب. وقد عُلِّلت التسمية أيضًا بأنه جامع لخير تشريعات الدين والحياة {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨]، وبأنه مجموع {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: ٢٢]، وشأنه أن يجمع في الصدور على ما في الحديث الشريف "أناجيلهم في صدورهم "ثم هو يُتْلَى وشأنه أن يُتْلَى أيضًا. ولملحظ التلفظ به صوتيًّا لم يستنكف كفار العرب أن يسموه قرآنًا، كما في قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ} [يونس: ١٥ وكذلك في الفرقان: ٣٢، وسبأ: ٣١، وفصلت: ٢٦، والزخرف: ٣١] وكذا سماه الجن {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الجن: ١]. وقد مال [طب ١/ ٩٦] وكذلك [قر ١/ ١٢] إلى أنه تسمية بالمصدر من القراءة. وهذا يتسق مع الملحظ الأخير الذي ذكرناه. وعلل ابن قتيبة في [الغريب ٣٣ عن أبي عبيدة] وغيرهما التسمية يجمع السور. وأخيرا فإن ما ينسب إلى الإمام الشافعي أنه كان لا يهمز كلمة (قُرْآن) ويقول هي (قُرَان) من (قرن) لا من (قرأ) هذه النسبة خطأ. والشافعي أعرف باللغة من أن يقع في هذا الخطأ، وإنما هذا قول إسماعيل بن قسطنطين الذي قرأ عليه الشافعي [تنظر غاية النهاية ترجمة إسماعيل هذا] والذي جاء في القرآن الكريم من التركيب كلُّه من قراءة الكتاب أو القرآن عدا ما في آية [البقرة: ٢٢٨] وسنقف

<<  <  ج: ص:  >  >>