عندها. وقد بينا في (تلو) الفرق بين التلاوة والقراءة. والفعل (قرأ + على) يعني القراءة العلنية للإسماع {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ}[الانشقاق: ٢١] ويتفق حينئذ مع معنى التلاوة، ودون (عَلَى) لا يستوجب ذلك القيد.
وللمعنى الذي ذكرناه للقراءة (من أن أصلها الجمع في الباطن) ما يؤيده في قولهم: "تَقَرَّأَ الرجل: تَفَقَّه. وقرأتُ تَفَقَّهْتُ "(الفقه استيعاب المعنى في القلب) وكذلك "تَقَرَّأَ: تنسك وهو قارئ: ناسك ". أي من حيث إن القراءة هي سبيل التفقه وموضوعه، والقرآن هو الموجِّه إلى التنسك.
ومن ذلك القروء في قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨] وهي تصدق لغويًّا على الدم المجتمع في الجوف في حال اجتماعه أي حين الطهر، وعلى نفس ذلك الدم وهو نازل أي في أيام الحيض لأنه يجتمع في الرحم قبل ذلك إلى أجل وهذا هو سر الخلاف الواسع في هذه المسألة. وتحدد القرائنُ المقصودَ. ففي مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "دعي الصلاة أيام أقرائك "هي أيام الحيض. ويترجح لدينا أن المراد بها في الآية الأطهار فقد استنتج ذلك الشافعي وغيره في ضوء أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنَ عمر - لما طلق امرأته في حيضها - "أن يراجعها فإذا طهرت فليطلقها فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء "وضع هذا مع قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}[الطلاق: ١] ثم مع آية البحث حيث يُعَدّ طهر التطليقة من العِدَّة. وثانيًا لأن القرء بهذا المعنى أقرب إلى الأصل في ضوء ما ذكرنا في الأصل، وشواهده من كلام العرب قائمة في ما سبق. ويضاف إليها قول الأعشى يمدح باشتغال الممدوح عن النساء بالغَزْو كسبًا للعز والرفعة:(لما ضاع فيها من قروء نسائكا). والاتصال بهن إنما