للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل يعجل المعصية ويُسوّف التوبة [قر ١٩/ ٩٤، ٩٥] والشيء الأمم- محركة: القريب المُتناوَل " (والتناول ضم) والأَمّ: القَصْد (من أن المقصود يكون أمام القاصد، أو من أن نهاية القصد الانضمام). {وَلَا آمِّينَ الْبَيتَ الْحَرَامَ} [المائدة: ٢] قاصدينه.

و"الأُمّيّ: الذي لا يكتب "- نسبوه إلى "ما عليه جَبَلَتْه أمُّه "يقصدون النسبة إلى الأُمّ. والدقيق أن يُنسَب إلى عِلّة تسمية الأم: أنها الأصل الجامع، أي هو على أصل فطرته، كما أنه يمكن أن يُلحَظ في الأميّ الذي لا يكتب أنه مجُتمِع القلب لم تَغزُ قلبَه (أي لم تَشْقُقه وتَدخله) رموزُ الكتابة وغيرها من العلوم- التي تُكتَسب بالتعلّم المتعارف، كما لم تتوزع قلبَه المذاهبُ المختلفة، فبقيت نفسُه ملتئمةَ الشمل. وبهذا يكون صفةَ كمالٍ، نظرًا لاجتماع النفس وكمال الفطرة وصفائها {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ} [الأعراف: ١٥٨]- صلى الله عليه وسلم -. ومن أسمائه - صلى الله عليه وسلم -: قُثَم- كعُمَر -أي الجامع الكامل [ل- قثم]. وفي قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: ٢] هم العرب؛ إذ لم تكن الكتابة منتشرة فيهم، وفي الحديث "إنا أُمةٌ أُمِّيَّةٌ لا نكتُب ولا نحسُب ". كما عُللت التسمية بأنها لم يكن لها كتاب (١) ولا أتفق مع هذا (٢).

أما بالنسبة لمن فُرض عليهم تعلُّم كتاب أُنزل عليهم، فلم يفقهوه، فالأُمّية ذَمٌّ لهم {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلا أَمَانِيَّ} [البقرة: ٧٨]. فهذا كقوله


(١) بصائر ذوي التمييز ٢/ ١٥٩ والراغب.
(٢) خصصت لمعنى (الأمي) بحثًا فانظره.

<<  <  ج: ص:  >  >>