للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناجع في الراعية وكما يخالط الماءُ الغُلّةَ والترياقُ الداءَ فيُشْفَيان. وكغمس اليد في المِطهرة لتناول قليل الماء. وكالذي يوجَد مِن مَسّ الحمى. والتعبُ يخالط البَدن ويَسْري فيه وهو ذو أثَرٍ قوي.

ومن هذه المخالطة الدقيقة القوية الأثر جاء "المسُّ: الجُنُون. رجل ممسوس به مَسٌّ من جنون. وقد مُسَّ: تُخُبِّطَ- للمفعول فيهما. {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: ٢٧٥].

وقولهم "رحم ماسَّة أي قرابة قوية "من الأصل أي أنها تسري في أعماقهم وأثنائهم كما يعَبَّر عن عمق الصداقة بين اثنين بأنهما متداخلان. وكذلك "حاجة ماسَّة أي مهمة "وقد "مسّت إليه الحاجة "من الأصل بمعنى وجود إحساس حادّ بالحاجة إلى الشيء يخالط المس أو الحال.

ومن المخالطة الدقيقة القوية الأثر استعمل في الإصابة بمكروه (حدّة) {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} [آل عمران: ١٤٠]. وقد ورد المس بمعنى إيقاع الضُرّ ونحوه كالعذاب والنفحة منه، والنار، والسوء، والشَرّ، والضُر، والطائف الشيطاني، واللُغوب، والنَصَب في أكثر ما ورد في القرآن الكريم ما عدا {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيرُ مَنُوعًا} [المعارج: ٢١] وهذه قد تفسَّر بالمقابلة، وكذلك ما في [الأنعام: ١٧] لكن هذا لا يعني الاختصاص وإنما يعني قوة الأثر كما في {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} [آل عمران: ١٢٠]، فالتي تسوء الأعداء لا بد أنها نعمة كبيرة، أو قوة المخالطة- مع الدقة الخفاء ونحوه كما كُني بالمَسّ عن الجماع: "المسَيس: جماع الرجل المرأة. {لَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>