وكذا ما في ٢٣٧ منها، وما في الأحزاب: ٤٩]، {أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ}[آل عمران: ٤٧]{قَالتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} أي على جهة تزوج - {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}[مريم: ٢٠] أي ولا قُرِبْت على غير حد تزوج. وقد قالوا أيضًا إنه استعارة من المس باليد [ل ١٠٢/ ١٨، ١٠٣/ ٢٠]. وسياق ما ورد منه في القرآن يقطع بأنه النكاح كما في الآيات السابقة، وفي {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}[المجادلة: ٣، ٤].
ومن تلك المخالطة الدقيقة -ربما مع التجاوز عن قيد القوة "مَسَّ الشيءَ: لمَسه باليد. وماسَ الشيءُ الشيءَ: لَقِيَه بذاته. وتماسَ الجِرْمان: مَسّ أحدِّهما الآخر "- وفي قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٧ - ٧٩] روى الفراء عن ابن عباس قال: "لا يمس ذلك اللوح المحفوظ إلا الملائكة الذين طُهِّروا من الشرك "اهـ ويقال "لا يَمَسَه "أي لا يجد طعمَه ونفعَه إلا المطَّهرون ممن آمن به. [معاني القرآن للفراء ٣/ ١٢٩]، كما أعيد الضمير إلى القرآن. وفي المراد بالمس حينئذ ستة أقوال أولها المس باليد، وبالتطهير ثمانية أولها من الأحداث والأنجاس [ينظر قر ١٧/ ٢٢٥ - ٢٢٦]، {فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ}[طه: ٩٧]، أي لا أَمَسّ ولا أُمَسّ- للمعلوم والمجهول، وَأُوِّل ذلك؛ بأن موسى أمرهم ألا يؤاكلوه ولا يخالطوه ولا يبايعوه. . . [المعاني للفراء ٢/ ١٩٠].
أما قولهم "ماء مَسُوس: أي زُعاقٌ يُخرِق كلَّ شيء بملوحته "(وهذا ضد تفسيره بالعَذْب) فهو ينطبق عليه الأصل لهذه الحدة التي في أثنائه- فيكون بمعنى مفعول- ولكنهم لم يوردوا له شاهدًا. فإن صح فالوجه ما ذكرنا -كما أنه يمكن نقل هذه الصيغة بهذا المعنى أو ذاك إلى تركيب (سوس).