ومن ذلك التلو المكاني يؤخذ التلو العملي أي التنفيذ:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ}[البقرة: ١٠٢] قال [طب ٢/ ٥٦٦]: "يتبعونه حق اتباعه ويأخذون به عملًا ". والذي يصلح فيه تفسير (تلا) بـ (اتبع) مما جاء في القرآن من التركيب هو - مع ما سبق {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ}[فاطر: ٢٩، وكذا ما في هود ١٧، ينظر قر ٩/ ١٦ - ١٧]. وسائره من التلاوة القراءة.
أما التلاوة بمعنى القراءة، كما في تلاوة القرآن والنشرات، فلعل أصل هذا من تتبع الكلام المكتوب عند القراءة أي اتباعه كلمة كلمة، فهذا يعني القراءة من مكتوب، وعليه:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ}[العنكبوت: ٤٨] فهذا كالصريح في معنى قراءة المكتوب. ثم عمم في القراءة عن ظهر القلب أي من غير مكتوب. وقد يكون هذا من القراءة اللاحقة، أي المتَّبِعة لما وُعِيَ قَبلا، كما قال تعالى:{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}[القيامة: ١٨] أو من التلاحق: تلاحق المتلوّ أي امتداده هذا يتبع هذا. {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا}[الأنفال: ٣١]، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ}[المائدة: ٢٧]، {تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}[البقرة: ١٠٢] قال بعضهم: "تتلو: تُحدِّثُ وتَرْوِى وتَتَكلم به وتخبر نحو تلاوة الرجل أيّ كتاب؛