لأن الشياطين هي التي عَلّمت الناسَ السحرَ ورَوَتْه لهم .. وقال آخرون: ما تَتْبعُه الشياطينُ وتعملُ به .. كما يقال: تَلَوْتُ فلانًا: إذا مَشَيْتَ خلْفه وتَبِعْتَ أَثَره، كما قال جل ثناؤه:{هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ}[يونس: ٣٠]- على إحدي القراءتين - يعني بذلك تتبع، {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}[البقرة: ١٠٢] أي في (عهد) ملكه ". اهـ[طبري ٢/ ٤١٢].
أما عن الفرق بين القراءة والتلاوة فهو حسب ما تكشفه الدراسة:
أ) أن المعنى الأصلي الدقيق للقراءة هو وعي المادّة (المقروءة) في القلب تلقيًا بالسماع (ويدخل فيه الوحي)، أو من كتاب (بلا صوت). ويتفرع عن هذا لزوميا القراءةُ بمعنى إلقاء المحفوظ في القلب باللسان أي نطقه.
والتلاوة تستعمل في هذا أي في نطق الكلام وإلقائه دون مطالعة من صحيفة، كما قال تعالى:{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ}[البقرة: ٢٥٢]؛ فتستوي في هذا مع (القراءة): إما تطورًا، وإما أصالة، كما مرّ في الفقرة السابقة. وتستعمل في القراءة من كتاب - وهذا أصل في التلاوة - وعليه جاء قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ}[العنكبوت: ٤٨]- كما سبق. وامتداد الكلام كالقيد فيها.
ب) إذا استعمل الفعلان معديين فإن "تلا "لا تكون إلا قراءة بصوت، "وقرأ "تكون بصوت وبغير صوت. أما إذا عُدِّيا بالحرف "على "فإنهما تستويان في أنه لا بد فيهما من الإلقاء بصوت.
الخلاصة في الفرق بين التلاوة والقراءة في الأصل: "تلا "تستعمل للقراءة من مكتوب بصوت، ويتسامح فيها فتكون من غير مكتوب لكن بصوت،