للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالهاموم وذائب الثلج وكما يُحْلَب اللبن في الصحن.

ومن ذلك "الهَمّ: الحُزْن. هَمَّه الأمر (الشديد) وأهَمَّه: أَقْلقه وحَزَنه. والاهتمام: الاغتمام. كما قالوا همه السقم والمرض: أذابه وأذهب لحمه " {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: ١٥٤].

ومنه "هَمَّ بالشيء: نواه وأراده وعزم عليه " (كأنما تحلبت إرادته وهَوَاه بشدة نحو الشيء كما يسيل اللعاب شهوةً إلى الطعام). وقوله "نواه وعزم عليه "ليس دقيقًا فالعزم اشتداد يُشبه الصلابة. وهذا عكس الهمّ كما مر، فالهمّ فيه تسيب. وانطباقه الدقيق إنما هو على ما يبدر حسًّا أو حركة عند وقوع أمر جديد أي ردّ الفعل الأول قبل التروي، فلا يفسَّر بالعزم والنية: إذ هما عن ترو وفيهما عَقْدٌ في الباطن (والعَزْم أَشَدُّ في ذلك) وتفسير الهمّ بالإرادة أقرب لما فيهما من تسيب {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [يوسف: ٢٤] قال أبو حيان عند تفسير {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ} [آل عمران: ١٢٢]: أول ما يمر بالقلب يُسَمَّى خاطرا، فإذا تردد صار حديث نفس، فإذا ترجح فعله صار هما، فإذا قوي واشتد صار: عزما. فإذا قوي العزم واشتد حصل الفعل أو القول اهـ. ثم إنه في آية يوسف هذه عاب ما طوّل به المفسرون هنا يقصد خوض بعضهم تطوعا بما لا أصل له ولا سند، وينافي مع ذلك عصمة الأنبياء. ثم قال: "والذي أختاره أن يوسف - عليه السلام - لم يقع منه


= دسّ دقيق في البدن وهو الهمز وهذا زحْم كالاكتناز وفي (همس) تفيد السين النفاذ بدقة وامتداد، ويعبر التركيب عن نحو عصر لا يسمع له صوت كالمضغ مع ضم الفم. وفي (همن) تعبر النون عن امتداد في الداخل أو الباطن، ويعبر التركيب معها عن ضم والتئام على شيء في الباطن أو في الداخل كما في الِهمْيان والهَيمنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>