هم بها ألبتة "وأول الآية بما يعني أنه كاد يهم لولا رؤية البرهان [ينظر بحر ٣/ ٤٧، ٥/ ٢٩٤ - ٢٩٥] ولا أستريح لتأويله ولا لتعبيره المصادم. والرجوع إلى الأصل المادي يؤسس لتفسير علمي. فالهم درجات. والشحم لا يذوب مرة واحدة وإنما يبدأ ضعيفًا فإذا توقفت الإذابة جمد. وقد قالوا "الهَميمة: المطر الضعيف الهين مطر لين دُقاق القطر "فهو - عليه السلام - هم هما ضعيفا قد يتمثل في تحرك نفسه أدنى حركة كما يرى الشاب امرأة في وضع بالغ الإثارة فجأة، ثم قد يتنبه للرشد بعد استيعاب الموقف. أما هي فكان همها قويًّا مخططًا، لكها لا تملك أكثر من التعرض والكلام. ولذا تظل في دائرة الهمّ، وإن كان همًّا قويًّا بسبب شدة رغبتها وأنه (هو في بيتها). ولأنه في ذلك الزمن لم تكن القحة بلغت ما في أيامنا، وأنها زوجة وزير فإنني أرجح أنها ما كان يمكن أن تحاول اغتصابه، كما أن مثل هذه المحاولة لا تجدي مع الطرف الإيجابي إذا كان مستعصما. وقريب من أصل ما قلنا قول الإمام أبي العباس أحمد بن يحيى (ثعلب): هَمَّتْ وكانت مُصِرّة وهمّ ولم يواقع ما هَمّ [قر ٩/ ١٦٦].
ومن الأصل "الهِمُّ - بالكسر: الشيخ الفاني (تحلل جسمه وفرغ كأنما ذاب) والهَوَامّ: الحيات (لانسيابها في سيرها على وجه الأرض مع دقتها كالسائل الذائب)، والدابّةُ: الفَرَسُ والبعيرُ (لدوام السير). وهوامّ الرأس: القَمْل " (لسَرَيانها بين الشعر). وهَمْهَم الرعدُ: سمعتَ له دَويًّا، والرجلُ: لم يبين كلامه "(يخرج منه الصوتُ مُدْغمًا غير متميز المفاصل للتضام عليه. فكلاهما صوت متوال غير مفصل كالشيء الذائب السائل).