ومنه "رأس أَحَجّ: صُلب (شديد محكم على ما فيه. وأعلى الرأس قِحْف صُلْب تحته تجوّف كهفي) واحتجّ الشيءُ: صَلُب (ظاهره). ومه "حَجَّ الجُرْحَ: سَبَره ليعرف غوره ". (فهذا دخول لشيء صلب في تجوف كالكهف فهو من الإصابة. (والعامة تقول الشمس حَجَّتْ أي غَرَبت أي أنها دخلت في تلك الفَجْوة التي في نهاية الأفق) ومنه "حَجَّ البيت: قصده (زاره)(دخل حَوْزَته وحَرَمه. ولعل الأصل كان دخول البيت (: الكعبة) كما في الآية الآتية. وفي تخصيص الحجّ بزيارة بيت الله الحرام -زاده الله تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة وبرًّا- إشارة إلى أنه كهف ومأْمَن (صُلْب) لمن دخله قال تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}[آل عمران: ٩٧] ويترجح لدىّ -أخذًا من أن المعنى اللغوي المحرر للحج هو الدخول، ومن هذه الآية أيضًا، أن الحج كان يحصل في الزمن الأول بدخول الحاج البيت (الكعبة نفسها) دخولًا حقيقيًا، ثم طرأ ما جعلهم يقتصرون على دخول حيّزه وحَرَمه. ويؤيد هذا ما روى عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمنى أن يعيد بناء البيت ليضيف إليه ما تركت قريش منه، وليجعل له بابين يلصقهما بالأرض، لأنهم رفعوا بابها "تَعَزُّزًا لئلا يدخلها
= تعبر الباء عن معنى التجمع مع تلاصق ما، ويعبر التركيب عن حائل لاصق بالشيء يستره كالحجاب، ولا (حجر) عبرت الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن صلابة تمنع النفاذ والاختراق كأن ذلك من التداخل الشديد. ولا (حجز) تعبر الزاي عن معنى الاكتناز والازدحام، ويعبر التركيب عن حائل شديد بين شيئين أو بين الشيء وما يراد حجزه عنه كما في حُجَز الثياب والأُزُر والحجْز بين المتقاتلين.