المشهور وهو الثناء) لنفي الولد والشريك والذل، لكنه تخلص بأن لواهما إلى أن هذا هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة. وأحس ابن المنيّر بنفس القلق وظن أنه مهّده، لكنه لم يفعل شيئًا لا هنا ولا في أول سورة الأنعام [ينظر الكشاف (العلمية) ٢/ ٦٧٤، ٤]. وهناك كثير من الآيات التي لا يسوغ تفسير الحمد فيها إلا بالتعظيم مثل [النحل: ٧٥، النمل: ٩٣، العنكبوت: ٦٣، سبأ: ١، الزمر: ٢٩] بل وكل (تسبيح بحمد الله).
وأقول أيضًا إن معنى الإعطاء أصيل في هذا التركيب من الناحية الاشتقاقية وذلك من جهتين: الأُولَى وجود أصل هذا المعنى، كما في قولهم "منتجع حَمْد "أي فيه من الكلأ ما يَنْجع ويُشبع ويُستقَرَ عليه. والجهة الثانية: الصيغة. فقد كررنا أن صيغة فَعِل للمطاوعة قد تعطي معنى المفعولية فكأن مَنْ حَمِد (كفرح) أُعْطِى ونَجعَ فيه ما أُعْطيه، ويلزم ذلك معنى الشكر. فهذا مدخل هذا المعنى في التركيب وهو أصيل كما هو واضح. وفي [تاج]"الحمْد: الرضا، والجزاء، وقضاء الحق. وقد حَمِده -كسمعه: شكره وجَزَاه وقَضَى حقه ". فمعنى الرضا واضح الأصالة هنا، لأن حقيقته وجود نعمة ورخاوة في الباطن فهو مناظر للحمد. والفعل بمعناه قاصر، وبالمعنيين الآخرين معدًّى. والثناء لازم للشكر وقد يكون تعبيرًا عنه أو عن الجزاء وقضاء الحق، لكنه ثناء مقيد بأنه من نوع المدح، وبأن سبب المدح هو الإعطاء والإفضال. وفي قوله تعالى:{وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ}[البقرة: ٣٠] قال في [بحر ١/ ٢٩١]: "الحمد هو الثناء، والثناء ناشئ عن التوفيق للخير والإنعام على المثنى "(يلحظ أن العبارة الأخيرةَ هي الدقيقة). {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}[آل عمران: ١٨٨] ينظر [قر ٤/ ٣٠٦ - ٣٠٧] فهناك كثير