للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما يؤيد ما قلنا.

وفي اسمه سبحانه وتعالى "الحميد "الصيغة يمكن أن تكون بمعنى مُفْعِل (اسم فاعل) كالحكيم بمعنى المحكِم ويكون المعنى: الذي يعطى ما يَنْجَع وُيغْنى ويُعين ونحو ذلك. وهذا معنى جديد، ويلزمه معنى الشكر. فهذا يبرز لمعنى اللفظ رصيدًا آصلَ وأبرزَ حدودًا من الثناء بالكلام الهلاميّ بلا حدود {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: ٢٦٧] وكذا كل صفة (حميد) في القرآن الكريم.

وفي تفسير طب "قال أبو جعفر: ومعنى {الْحَمْدُ لِلَّهِ} الشكر لله خالصًا ... بما أنعم على عباده. . النعم التي لا يحصيها العدد ... "ثم جاء طب بحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال "قال جبريل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - قل يا محمد {الْحَمْدُ لِلَّهِ} قال ابن عباس: الحمد هو الشكر لله، والاستخذاء لله، والإقرار بنعمته وهدايته وابتدائه ". ثم قال الطبري "وقد قيل إن قول القائل "الحمد لله "ثناءٌ على الله بأسمائه وصفاته الحسنى، وقوله "الشكر لله "ثناء عليه بنعمه وأياديه "وعزا هذا التفسير إلى كعب الأحبار، ولم يرتض طب هذا التفسير. وبمراجعة ما قلنا يتبين أن ما استخلصنا أنه معنى الحمد هو معنى كلام ابن عباس رضي الله عنهما. ونلفت إلى قوله "والاستخذاء لله، والإقرار بنعمته "فالاستخذاء معناه الخضوع. والخضوع يكون إزاء قوة قاهرة. وهذا يزكي ما لمحناه ورجّحناه في معنى قوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: ٥٢]. لكن القوة القاهرة هنا في {الْحَمْدُ لِلَّهِ} هي قوة المنعم الذي يُمِدّ بما يغذو ويقيم ويُنَمِّي، وبكلِّ ما يُصْلح الحياة. فأنسب تفسير لعبارة "الحمد لله "هو: الفضل والتعظيم والفعل لله. فهذا يؤدي معنى الشكر على النعم، والإقرار بأنه القاضي بكل أمر،

<<  <  ج: ص:  >  >>