للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الممكّن منه، وهو ما عبر عنه ابن عباس بالاستخذاء.

ومع أن الفخر الرازي لم يقف عند الأصل الاشتقاقي، وإنما ذكر أن "الحمد لا معنى له إلا الثناء على الإنعام ""الحمد عبارة عن مدح الغير بسبب كونه منعمًا متفضلًا [الفائدة السادسة والسابعة في الكلام عن "الحمد لله "في سورة الفاتحة - الغد العربي ١/ ٣٧٣] فإنه لما عرض لعبارة {الْحَمْدُ لِلَّهِ} ثانية في أول سورة الأنعام ذكر عدة معالم:

أ) أن الحمد "لا يحصل (أي لا يوجّه) إلا للفاعل المختار على ما يصدر عنه من الإنعام والإحسان ".

ب) "الحمد عبارة عن تعظيم الفاعل لأجل ما صدر عنه من الإنعام ".

ج) "قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} تصريح بان المؤثر في وجود هذا العالم فاعل مختار خلقه بالقدرة والمشيئة " [المسألة الأولى في الكلام عن الحمد لله جـ ١١ - الغد العربي مجلد ٦/ ٢٠٨ - ٢٠٩] فما ذكره من الإنعام في (أ) و (ب) هو جانب، وهو المعنى المباشر. وما ذكره في (ج) - وكان قد أغفله: أن الذي يوجّه إليه الحمد فاعل مختار خلق العالم بالقدرة والمشيئة= هو المعنى اللازم. فالتعظيم الذى يخص معنى عبارة (الحمد لله) ليس مقصورًا على التنويه بأنه سبحانه هو المتفضل بالنعم، وإنما يشمل الإقرار بأنه سبحانه هو الفاعل القاضي بكل أمر، الممكّن منه -على ما يؤخذ من عبارة ابن عباس، وهو الذي يزكيه الأصل الاشتقاقي للكلمة. فهذا عن معنى الحمد، وبه معنى {الْحَامِدُونَ} [التوبة: ١١٢]. وفي قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] المحمود: المثني عليه- حسب ما وقفوا

<<  <  ج: ص:  >  >>