للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قارب الماء من الأَرضِين، فالبَرّ يتصف بالجفاف وأنه "نقيض الكِنّ "فهو يتصف بالانكشاف. ومنه: البر - بالضم: الحنطة. ويسمى بُرًّا بعدما ينضج ويجف ويُذرّى، فإنه عندئذ يكون مجرَّدًا من قشره ويغلب عليه اسم (الطعام) أما قبل التجرد فهو قمح. جاء في [ل قمح]: "القمح: البُرّ حين يجري الدقيق في السنبل "أي قبل أن يتم امتلاؤه وجفافه وتصلبه.

أما البِرّ - بالكسر - فإنه فسّر بالطاعة والخير. والطاعة تؤخذ من انبساط البَرّ؛ لأن الطاعة انقياد، والانقياد من الامتداد والانبساط بلا توقف ولا عَقَبات. ولذا يقال: "بَرَّتْ سِلعته: إذا نَفَقت "ونَفاق السِلْعة ذهابها هنا وهناك بأن يشتريها الناس. هذا، والخير يرجع أصل معناه إلى السهولة والرخاوة المتمثلة في اليسر (أو الطاعة) وعدم التعقد؛ فهر يؤخذ من الانبساط أيضًا. فمن البِرّ الصلة والإحسان والنفع المتسع {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٤٤] وكذا كل (البِرّ) في القرآن الكريم. فمن بِر الوالدين: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ} [مريم: ١٤]. والله هو البَرّ: المستجيب لحاجات عباده (يفيض عليهم عطاياه التي تيسر حيواتهم، كما أنه تعالى يكشف عنهم ران ذنوبهم وأثقالها {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: ٢٨].

وهناك نوع من البِرّ - بالكسر أيضًا - يغلب فيه جانب التجرد والخلوص من الغلظ {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} [البقرة: ١٨٩] (أي بِر من خاف الله فلم يرتكب المعاصي أي تجرد منها وأُخلِص) ومنه {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا} [البقرة: ٢٢٤] (أي تجنبوا ذلك حتى تكونوا أبرارًا). "والأبرار كثيرًا ما يخص بالأولياء والزهّاد والعبّاد "هؤلاء مجردّون من المعاصي

<<  <  ج: ص:  >  >>