للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك (١). كالماء الذي في البئر الموصوفة فهو في باطنها، ولا يخرج إلا قليلًا قليلًا، وكالمَظِنّة لوجود الشيء أي موضعه ومعدنه الذي يوجد فيه عادة. (وينبغي أن يُسْتَحْضَر أن صَبَّ اللغويين وصف القلة على ماء البئر هو استنباط من كون الخارج منها قليلًا. ولكن هذا لا يقطع بكون كل ما في باطنها قليلًا، فقد يكون كثيرًا لكن هناك ما يحول دون اندفاعه منها. فالماء القليل الذي يخرج من البئر الظنون هو مجرد (أَمَارة على وجوده فيها). ومن هذا الأصل استعملت (ظن) في المعنى المشهور. وأَرْجَح عبارات اللغويين عنه هي عبارة الراغب. فعبارة المناوي: "الظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض " (٢) وعبارة المحكم لابن سيده "الظن شك ويقين، إلا أنه ليس بيقين عيان إنما هو يقين تدبر "وعبارة الراغب "الظن: اسم لما يحصل من أمارة، ومتى قويت أدت إلى العلم، ومتى ضَعُفَت لم تجاوز حد الوهم "اهـ. المراد. والذي أقوله أن الظن اعتقاد قلبي (قائم على أمارات أو بحث ونظر) لكنه قد يتخلف (وهذا قريب من عبارة الراغب) - واحتمال التخلف ناشئ عن أنه يؤخذ من أمارات أو بحث، وهما عرضة للغلط. ويشهد لما أقوله (أ) بيت عميرة بن طارق [طب في تفسير البقرة ٤٦].

بأن تغتزوا قومي وأقعدَ فيكمو ... وأجعلَ مني الظنَّ غيبًا مُرَجمًا

فهو يرفض أن يَعُدّ ما ظنه (اعتقده) من أمارات دالة على أنهم يغزون قومه


(١) (صوتيًّا): الظاء تعبر عن كثافة وغلظ ونفاذ والنون تعبر عن امتداد لطيف في الباطن والفصل منهما يعبر عن نفاذ شيء مهم (أو وجوده) في الباطن كما في البئر الظنون.
(٢) التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي تحـ د. الداية. ص ٤٩٣. وكلمة (احتمال) مكتوبة (استعمال) وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>