وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: ١٥٧]. (فهم قطعا لم يقتلوه، ولم يبحثوا عن اليقين في أمره، بل اتبعوا ظنهم، لأنه يوافق هواهم أن يُقْتَل). وقد قدّمنا قولة مجاهد هنا لنفرغ لغيره.
ب) وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت ١٨٢ هـ) في آية البقرة ٤٦ {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}: "لأنهم لم يعاينوا، فكان ظنهم يقينًا، وليس ظنًّا في شك "، وقرأ {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ}[الحاقة: ٢٠][طب شاكر ٢/ ١٩]. وقد تبنى هذه المقولة [طب شاكر ١٦/ ٣٠٩] في تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا}[يوسف: ١١٠]، حيث قال:". . مع أن الظن إنا استعمله العرب في موضع العلم في ما كان من عِلْم أُدْرِك من جهة الخبر أو من غير وَجْه المشاهدة والمعاينة. فأما ما كان من عِلْم أُدْرِك من وجه المشاهدة والمعاينة فإنها لا تستعمل فيه الظن. لا تكاد تقول: "أظنني حيًّا، وأظنني إنسانًا "بمعنى: أَعلَمُني إنسانًا، وأَعلَمُني حيًّا ". كما تبناها ابن عطية في المحرر الوجيز [قطر ١/ ٢٧٨] وكذلك [قر ١٥/ ١٧٩](وفي النص هنا لفظ [إلا] مقحم)، وأبو حيان [بحر ٦/ ١٣٠](وفي الكلام هنا خطآن مطبعيان)، كما تبناها ابن سيده. حيث قال في استعمال (ظن) لليقين: "إنه ليس بيقين عيان إنما هو يقين تدبُّر، فأما يقين العيان فلا يقال فيه إلا علم "[ل]. والحكم الذي استولده الطبري من عبارة ابن زيد، واتبعه الأئمة وهو أن "يقين العيان لا يعبَّر عنه إلا بالعلم "هو حكم يحتاج شيئًا من التحرير، فقد يكون الموقف يقين عيان، ولكن هناك ما يدعو إلى التعبير عنه بالظن، كأن يكون يقينًا مكروهًا فيُخَفَّف على النْفس باستعمال الظن تعلُّقًا بنسبة من الأمل حتى لو كانت غير حقيقية. كما في {وَرَأَى