للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي الْجُمْلَةِ فَكُلٌّ مِنْ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي مَفْعُولٍ فَأَحَدُهُمَا مُفْتَقِرٌ إلَى الْآخَرِ فِي وُجُودِ ذَلِكَ الْمَفْعُولِ؛ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُونَا مُشْتَرِكَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِلًّا بِالْفِعْلِ مُنْفَرِدًا بِهِ؛ أَوْ لَا يَكُونَ فَإِنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِهِ مُنْفَرِدًا بِهِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ شَرِيكٌ أَوْ مُعَاوِنٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِلًّا مُنْفَرِدًا بِهِ لَمْ يَكُنْ الْمَفْعُولَ بِهِ وَحْدَهُ بَلْ بِهِ وَبِالْآخَرِ وَلَمْ يَكُنْ هُوَ وَحْدَهُ كَافِيًا فِي وُجُودِ ذَلِكَ الْمَفْعُولِ بَلْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى الْآخَرِ فِي وُجُودِ ذَلِكَ الْمَفْعُولِ مُفْتَقِرًا إلَيْهِ فِيهِ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ رَبَّ ذَلِكَ الْمَفْعُولِ وَلَا مَالِكَهُ وَلَا خَالِقَهُ بَلْ هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ. وَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا عَنْ الشَّرِيكِ فِي ذَلِكَ الْمَفْعُولِ بَلْ كَانَ مُفْتَقِرًا إلَيْهِ فِيهِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فِيهِ. وَذَلِكَ يَقْتَضِي عَجْزَهُ وَعَدَمَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ حَالَ الِانْفِرَادِ أَيْضًا كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَنْفَرِدُ بِمَا شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ تَغَيُّرًا يُوجِبُ تَمَامَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَا شَارَكَهُ فِيهِ الْغَيْرُ وَذَلِكَ أَنَّ الْفَاعِلَ إذَا كَانَ حَالَ الِانْفِرَادِ قَادِرًا تَامَّ الْقُدْرَةِ؛ وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ مُرِيدٌ لِلْمَفْعُولِ إرَادَةً جَازِمَةً؛ إذْ لَوْ لَمْ يُرِدْهُ إرَادَةً جَازِمَةً لَمَا وُجِدَ حَالَ الِانْفِرَادِ وَلَا حَالَ الِاجْتِمَاعِ وَالِاشْتِرَاكِ: إذْ الْإِرَادَةُ الَّتِي لَيْسَتْ بِجَازِمَةٍ لَا يُوجَدُ مُرَادُهَا الَّذِي يَفْعَلُهُ