للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ إخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} الْآيَةُ. وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ كَرَاهَتُهُمْ لِلْجِهَادِ عَلَى الْمُنْكَرَاتِ أَعْظَمُ مِنْ كَرَاهَتِهِمْ لِلْمُنْكَرَاتِ لَا سِيَّمَا إذَا كَثُرَتْ الْمُنْكَرَاتُ وَقَوِيَتْ فِيهَا الشُّبُهَاتُ وَالشَّهَوَاتُ فَرُبَّمَا مَالُوا إلَيْهَا تَارَةً وَعَنْهَا أُخْرَى فَتَكُونُ نَفْسُ أَحَدِهِمْ لَوَّامَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتْ أَمَّارَةً ثُمَّ إذَا ارْتَقَى إلَى الْحَالِ الْأَعْلَى فِي هَجْرِ السَّيِّئَاتِ وَصَارَتْ نَفْسُهُ مُطَمْئِنَةً تَارِكَةً لِلْمُنْكَرَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ لَا تُحِبُّ الْجِهَادَ وَمُصَابَرَةَ الْعَدُوِّ عَلَى ذَلِكَ وَاحْتِمَالَ مَا يُؤْذِيهِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ: فَإِنَّ هَذَا شَيْءٌ آخَرُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} الْآيَاتُ إلَى قَوْلِهِ: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} وَالشَّفَاعَةُ الْإِعَانَةُ؛ إذْ الْمُعِينُ قَدْ صَارَ شَفْعًا لِلْمُعَانِ فَكُلُّ مَنْ أَعَانَ عَلَى بِرٍّ أَوْ تَقْوَى كَانَ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهُ وَمَنْ أَعَانَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ كَانَ لَهُ كِفْلٌ مِنْهُ وَهَذَا حَالُ النَّاسِ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ بِقُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ وَأَيْدِيهِمْ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمِنْ ذَلِكَ الْجِهَادُ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى قَبْلَ ذَلِكَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} إلَى قَوْلِهِ {إنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} .