وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى} " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِنَاءُ مَسْجِدٍ آخَرَ إذَا كَثُرَ النَّاسُ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مَعَ مَنْعِهِ لِبِنَاءِ مَسْجِدٍ ضِرَارًا. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: لَا يُبْنَى مَسْجِدٌ يُرَادُ بِهِ الضِّرَارُ لِمَسْجِدِ إلَى جَانِبِهِ فَإِنْ كَثُرَ النَّاسُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبْنَى وَإِنْ قَرُبَ. فَمَعَ تَجْوِيزِهِ بِنَاءَ مَسْجِدٍ آخَرَ عِنْدَ كَثْرَةِ النَّاسِ وَإِنْ قَرُبَ أَجَازَ تَحْوِيلَ الْمَسْجِدِ إذَا ضَاقَ بِأَهْلِهِ إلَى أَوْسَعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلَحُ وَأَنْفَعُ؛ لَا لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ؛ وَلِأَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ: عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - غَيَّرَا مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِنَقْلِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ إلَى مَكَانٍ آخَرَ وَصَارَ الْأَوَّلُ سُوقَ التَّمَارِينِ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ؛ لَا لِأَجْلِ تَعَطُّلِ مَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَطَّلْ نَفْعُهَا؛ بَلْ مَا زَالَ بَاقِيًا. وَكَذَلِكَ خُلَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُمْ: كَالْوَلِيدِ وَالْمَنْصُورِ وَالْمُهْدِي: فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ بِمَسْجِدَيْ الْحَرَمَيْنِ وَفَعَلَ ذَلِكَ الوليد بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ وَغَيْرِهَا مَعَ مَشُورَةِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَإِقْرَارِهِمْ حَتَّى أَفْتَى مَالِكٍ وَغَيْرُهُ بِأَنْ يُشْتَرَى الْوَقْفُ الْمُجَاوِرُ لِلْمَسْجِدِ وَيُعَوَّضُ أَهْلُهُ عَنْهُ. فَجَوَّزُوا بَيْعَ الْوَقْفِ وَالتَّعْوِيضَ عَنْهُ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ؛ لَا لِمَصْلَحَةِ أَهْلِهِ. فَإِذَا بِيعَ وَعُوِّضَ عَنْهُ لِمَصْلَحَةِ أَهْلِهِ كَانَ أَوْلَى بِالْجِوَارِ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: لَوْ جَازَ جَعْلُ أَسْفَلِ الْمَسْجِدِ سِقَايَةً وَحَوَانِيتَ لِهَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute