للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ الْفَسْخُ إنَّمَا كَانَ جَائِزًا لِمَنْ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَبَيِّنٌ أَنَّ السَّلَفَ وَالْعُلَمَاءَ تَنَازَعُوا فِي الْفَسْخِ. فَمَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ وَكَثِيرٍ مِنْ الظَّاهِرِيَّةِ وَالشِّيعَةِ: يَرَوْنَ أَنَّ الْفَسْخَ وَاجِبٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَحُجَّ إلَّا مُتَمَتِّعًا. وَمَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ وَإِنْ جَازَ التَّمَتُّعُ فَلَيْسَ لِمَنْ أَحْرَمَ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَنْ يَفْسَخَ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. وَمَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ: كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ الْفَسْخَ هُوَ الْأَفْضَلُ وَأَنَّهُ إنْ حَجَّ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا وَلَمْ يَفْسَخْ جَازَ. وَأَمَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَلَا يَفْسَخُ بِلَا نِزَاعٍ وَالْفَسْخُ جَائِزٍ مَا لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ وَسَوَاءٌ كَانَ قَدْ نَوَى عِنْدَ الطَّوَافِ طَوَافَ الْقُدُومِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ قَدْ نَوَى عِنْدَ الْإِحْرَامِ الْقِرَانَ أَوْ الْإِفْرَادَ أَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا. فَالْأَفْضَلُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ لِكُلِّ مَنْ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ إحْرَامِهِ بِعُمْرَةِ تَمَتُّعٍ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةِ إذَا كَانَ قَصْدُهُ أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ فَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا. فَأَمَّا الْفَسْخُ بِعُمْرَةِ مُجَرَّدَةٍ فَلَا يُجَوِّزُهُ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَلَا لِلَّذِي