بَاطِلًا فَيُلْبِسُ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَلِهَذَا كَانَ كُلُّ مَنْ كَتَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يُظْهِرَ بَاطِلًا. وَهَكَذَا " أَهْلُ الْبِدَعِ " لَا تَجِدُ أَحَدًا تَرَكَ بَعْضَ السُّنَّةِ الَّتِي يَجِبُ التَّصْدِيقُ بِهَا وَالْعَمَلُ إلَّا وَقَعَ فِي بِدْعَةٍ وَلَا تَجِدُ صَاحِبَ بِدْعَةٍ إلَّا تَرَكَ شَيْئًا مِنْ السُّنَّةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " {مَا ابْتَدَعَ قَوْمٌ بِدْعَةً إلَّا تَرَكُوا مِنْ السُّنَّةِ مِثْلَهَا} " رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَد. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} فَلَمَّا تَرَكُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ اعتاضوا بِغَيْرِهِ فَوَقَعَتْ بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} أَيْ عَنْ الذِّكْرِ الَّذِي أَنْزَلَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} وَقَالَ: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} فَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ مَا أَنْزَلَ وَنَهَى عَمَّا يُضَادُّ ذَلِكَ وَهُوَ اتِّبَاعُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ فَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْ أَحَدَهُمَا اتَّبَعَ الْآخَرَ وَلِهَذَا قَالَ {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّبِعًا سَبِيلَهُمْ كَانَ مُتَّبِعًا غَيْرَ سَبِيلِهِمْ فَاسْتَدَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ اتِّبَاعَ سَبِيلِهِمْ وَاجِبٌ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَخْرُجَ عَمَّا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ الْمَأْمُورَ فَعَلَ بَعْضَ الْمَحْظُورِ وَمَنْ فَعَلَ الْمَحْظُورَ لَمْ يَفْعَلْ جَمِيعَ الْمَأْمُورِ فَلَا يُمْكِنُ الْإِنْسَانَ أَنْ يَفْعَلَ جَمِيعَ مَا أُمِرَ بِهِ مَعَ فِعْلِهِ لِبَعْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute