للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ التَّاجِرِ الَّذِي لَيْسَ بِمَالِكٍ وَهُوَ الَّذِي يَزِيدُ فِي السِّلْعَةِ وَلَا يَقْصِدُ شِرَاءَهَا؛ وَلِهَذَا لَوْ نَجَشَ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَأَمَّا الْبَائِعُ إذَا ناجش أَوْ وَاطَأَ مَنْ يَنْجُشُ فَفِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. وَمِثْلُ هَذَا يَنْبَغِي تَعْزِيرُهُ عَلَى أَمْرَيْنِ: عَلَى نَجْشِهِ وَعَلَى حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ يَمِينًا فَاجِرَةً وَلَيْسَ فِعْلُهُ الْمُحَرَّمُ عُذْرًا لَهُ فِي الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ.

وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

عَمَّنْ يَسُومُ السِّلْعَةَ بِثَمَنِ كَثِيرٍ وَيَبِيعُهَا بِأَزْيَدَ مِنْ الْقِيمَةِ الْمُعْتَادَةِ وَقَدْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا بِالْقِيمَةِ: هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ:

أَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُسْتَرْسِلًا - وَهُوَ الْجَاهِلُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ - لَمْ يَجُزْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَغْبِنَهُ غَبْنًا يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ؛ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ بِالْقِيمَةِ الْمُعْتَادَةِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهَا. فَإِنْ غَبَنَهُ غَبْنًا فَاحِشًا فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ. فَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ: {غَبْنُ الْمُسْتَرْسِلِ رِبًا} . وَثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ: {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ حَتَّى يَهْبِطَ بِهِ السُّوقَ. وَأَثْبَتَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ إذَا هَبَطَ} وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَبِلَ أَنْ يَهْبِطَ السُّوقَ يَكُونُ جَاهِلًا بِقِيمَةِ السِّلَعِ فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنْ يَخْرُجَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ وَيَبْتَاعَ مِنْهُ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَغْرِيرِهِ وَالتَّدْلِيسِ. وَأَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ إذَا عَلِمَ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.