للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْخَامِسُ: أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا كَانَ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ وَمَا كَانَ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي نَفْسِهَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَأَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةُ} فَلَيْسَ فِيهَا نَفْسِهَا مَفْسَدَةٌ تَقْتَضِي النَّهْيَ وَلَكِنْ وَقْتُ الطُّلُوعَ وَالْغُرُوبِ الشَّيْطَانُ يُقَارِنُ الشَّمْسَ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ فَالْمُصَلِّي حِينَئِذٍ يَتَشَبَّهُ بِهِمْ فِي جِنْسِ الصَّلَاةِ. فَالسُّجُودُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَ مَعْبُودَهُمْ وَلَا يَقْصِدُونَ مَقْصُودَهُمْ لَكِنْ يُشَبِّهُهُمْ فِي الصُّورَةِ فَنَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَاتَيْنِ الْوَقْتَيْنِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ حَتَّى يَنْقَطِعَ التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ وَلَا يَتَشَبَّهَ بِهِمْ الْمُسْلِمُ فِي شِرْكِهِمْ كَمَا نَهَى عَنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَالسَّفَرِ مَعَهَا وَالنَّظَرِ إلَيْهَا لِمَا يُفْضِي إلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ وَنَهَاهَا أَنْ تُسَافِرَ إلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ وَكَمَا نَهَى عَنْ سَبِّ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ؛ لِئَلَّا يَسُبُّوا اللَّهَ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَكَمَا نَهَى عَنْ أَكْلِ الْخَبَائِثِ لِمَا يُفْضِي إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ التَّغْذِيَةُ الَّذِي يَقْتَضِي الْأَعْمَالَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.

ثُمَّ إنَّ مَا نَهَى عَنْهُ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ يُبَاحُ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ كَمَا يُبَاحُ النَّظَرُ إلَى الْمَخْطُوبَةِ وَالسَّفَرُ بِهَا إذَا خِيفَ ضَيَاعُهَا كَسَفَرِهَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مِثْلَ سَفَرِ أُمِّ كُلْثُومٍ وَكَسَفَرِ عَائِشَةَ لَمَّا تَخَلَّفَتْ مَعَ صَفْوَانَ بْنِ