للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأُولَى: إنْ صَحَّ الْجَبْرُ كَانَ مُكْرَهًا وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ لَفْظَ " الْجَبْرِ " إذَا أُرِيدَ بِهِ الْجَبْرُ الْمَعْرُوفُ مِنْ إجْبَارِ الْإِنْسَانِ غَيْرَهُ عَلَى مَا لَا يُرِيدُهُ فَهَذَا الْجَبْرُ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ إرَادَتَهُ فَهَذَا الْجَبْرُ إذَا صَحَّ لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا. وَ (الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: وَالْمُكْرَهُ عِنْدَكَ مَعْذُورٌ. فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ الْمُكْرَهُ نَوْعَانِ: (نَوْعٌ أَكْرَهَهُ الْمُكْرِهُ بِحَقِّ فَهَذَا لَيْسَ بِمَعْذُورِ وَاَللَّهُ تَعَالَى لَا يُكْرِهُ أَحَدًا إلَّا بِحَقِّ سَوَاءٌ قَدَّرَ الْإِكْرَاهَ بِخَلْقِهِ وَقَدَرِهِ أَوْ شَرْعِهِ وَأَمْرِهِ وَإِنَّمَا الْمُكْرَهُ الْمَعْذُورُ هُوَ الْمَظْلُومُ الْمُكْرَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَاَللَّهُ تَعَالَى: لَا يَظْلِمُ أَحَدًا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ بَلْ هُوَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الْقَائِمُ بِالْقِسْطِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} . وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنْ الظُّلْمِ لَكِنْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي مَعْنَى " الظُّلْمِ " الَّذِي يَجِبُ تَنْزِيهُ الرَّبِّ عَنْهُ فَجَعَلَتْ الْقَدَرِيَّةُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ " الظُّلْمَ " الَّذِي يُنَزَّهُ عَنْهُ الْخَالِقُ مِنْ جِنْسِ " الظُّلْمِ " الَّذِي يُنْهَى عَنْهُ الْمَخْلُوقَ وَشَبَّهُوا اللَّهَ تَعَالَى بِخَلْقِهِ فَأَوْجَبُوا عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ عَلَى