مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} . وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: " {يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تظالموا} " فَإِنَّ هَذَا خِطَابٌ لِجَمِيعِ الْعِبَادِ أَنْ لَا يَظْلِمَ أَحَدٌ أَحَدًا وَأَمْرُ الْعَالِمِ فِي الشَّرِيعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا وَهُوَ الْعَدْلُ فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ؛ وَالْأَبْضَاعِ وَالْأَنْسَابِ؛ وَالْأَعْرَاضِ. وَلِهَذَا جَاءَتْ السُّنَّةُ بِالْقِصَاصِ فِي ذَلِكَ وَمُقَابَلَةِ الْعَادِي بِمِثْلِ فِعْلِهِ. لَكِنَّ الْمُمَاثَلَةَ قَدْ يَكُونُ عِلْمُهَا أَوْ عَمَلُهَا مُتَعَذِّرًا أَوْ مُتَعَسِّرًا؛ وَلِهَذَا يَكُونُ الْوَاجِبُ مَا يَكُونُ أَقْرَبَ إلَيْهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَيُقَالُ: هَذَا أَمْثَلُ؛ وَهَذَا أَشْبَهُ. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ الْمُثْلَى لِمَا كَانَ أَمْثَلَ بِمَا هُوَ الْعَدْلُ وَالْحَقُّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ إذْ ذَاكَ مَعْجُوزٌ عَنْهُ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا} فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُكَلِّفْ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا حِينَ أَمَرَ بِتَوْفِيَةِ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ بِالْقِسْطِ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ أَحَدَ الْمَكِيلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَلَوْ بِحَبَّةِ أَوْ حَبَّاتٍ وَكَذَلِكَ التَّفَاضُلُ فِي الْمِيزَانِ قَدْ يَحْصُلُ بِشَيْءِ يَسِيرٍ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَقَالَ تَعَالَى: {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا} . وَلِهَذَا كَانَ الْقِصَاصُ مَشْرُوعًا إذَا أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ جَنَفٍ كَالِاقْتِصَاصِ فِي الْجُرُوحِ الَّتِي تَنْتَهِي إلَى عَظْمٍ. وَفِي الْأَعْضَاءِ الَّتِي تَنْتَهِي إلَى مَفْصِلٍ فَإِذَا كَانَ الْجَنَفُ وَاقِعًا فِي الِاسْتِيفَاءِ عُدِلَ إلَى بَدَلِهِ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute