للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَلِكَ؛ وَمَا يَكُونُ بَعْدَهُ مِنْ صَبْرٍ وَرِضًا وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهُمْ فِي التَّقْوَى وَهِيَ طَاعَةُ الْأَمْرِ الدِّينِيِّ وَالصَّبْرُ عَلَى مَا يُقَدَّرُ عَلَيْهِ مِنْ الْقَدَرِ الْكَوْنِيِّ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ.

أَحَدُهَا أَهْلُ التَّقْوَى وَالصَّبْرِ وَهُمْ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَالثَّانِي الَّذِينَ لَهُمْ نَوْعٌ مِنْ التَّقْوَى بِلَا صَبْرٍ مِثْلُ الَّذِينَ يَمْتَثِلُونَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَيَتْرُكُونَ الْمُحَرَّمَاتِ: لَكِنْ إذَا أُصِيبَ أَحَدُهُمْ فِي بَدَنِهِ بِمَرَضِ وَنَحْوِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي عِرْضِهِ أَوْ اُبْتُلِيَ بِعَدُوِّ يُخِيفُهُ عَظُمَ جَزَعُهُ وَظَهَرَ هَلَعُهُ. وَالثَّالِثُ قَوْمٌ لَهُمْ نَوْعٌ مِنْ الصَّبْرِ بِلَا تَقْوَى مِثْلُ الْفُجَّارِ الَّذِينَ يَصْبِرُونَ عَلَى مَا يُصِيبُهُمْ فِي مِثْلِ أَهْوَائِهِمْ كَاللُّصُوصِ وَالْقُطَّاعِ الَّذِينَ يَصْبِرُونَ عَلَى الْآلَامِ فِي مِثْلِ مَا يَطْلُبُونَهُ مِنْ الْغَصْبِ وَأَخْذِ الْحَرَامِ؛ وَالْكُتَّابِ وَأَهْلِ الدِّيوَانِ الَّذِينَ يَصْبِرُونَ عَلَى ذَلِكَ فِي طَلَبِ مَا يَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالْخِيَانَةِ وَغَيْرِهَا. وَكَذَلِكَ طُلَّابُ الرِّئَاسَةِ وَالْعُلُوِّ عَلَى غَيْرِهِمْ يَصْبِرُونَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَذَى الَّتِي لَا يَصْبِرُ عَلَيْهَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْمَحَبَّةِ لِلصُّوَرِ الْمُحَرَّمَةِ مِنْ أَهْلِ الْعِشْقِ وَغَيْرِهِمْ يَصْبِرُونَ فِي مِثْلِ مَا يَهْوُونَهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَذَى وَالْآلَامِ. وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ