تَجْمَعُ هَذِهِ كُلَّهَا فَنِسْبَةُ أَحَدِ الْمَضْرُوبَيْنِ إلَى الْمُرْتَفِعِ كَنِسْبَةِ الْوَاحِدِ إلَى الْمَضْرُوبِ الْآخَرِ وَنِسْبَةُ الْمُرْتَفِعِ إلَى أَحَدِ الْمَضْرُوبَيْنِ نِسْبَةُ الْآخَرِ إلَى الْوَاحِدِ. فَهَذِهِ الْأُمُورُ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا يَتَكَلَّمُ فِيهِ الْحِسَابُ أَمْرٌ مَعْقُولٌ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ ذووا الْعُقُولِ وَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ إلَّا يَعْرِفُ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّهُ ضَرُورِيٌّ فِي الْعِلْمِ وَلِهَذَا يُمَثِّلُونَ بِهِ فِي قَوْلِهِمْ: الْوَاحِدُ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَضَايَاهُ كُلِّيَّةٌ وَاجِبَةُ الْقَبُولِ لَا تَنْتَقِضُ أَلْبَتَّةَ.
وَهَذَا كَانَ مَبْدَأَ فَلْسَفَتِهِمْ الَّتِي وَضَعَهَا " فيثاغورس " وَكَانُوا يُسَمُّونَ أَصْحَابَهُ أَصْحَابَ الْعَدَدِ وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ الْأَعْدَادَ الْمُجَرَّدَةَ مَوْجُودَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الذِّهْنِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لِأَفْلَاطُونَ وَأَصْحَابِهِ غَلَطُ ذَلِكَ. وَظَنُّوا أَنَّ الْمَاهِيَّاتِ الْمُجَرَّدَةَ كَالْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ الْمُطْلَقِ مَوْجُودَاتٌ خَارِجَ الذِّهْنِ وَأَنَّهَا أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ لِأَرِسْطُو وَأَصْحَابِهِ غَلَطُ ذَلِكَ؛ فَقَالُوا: بَلْ هَذِهِ الْمَاهِيَّاتُ الْمُطْلَقَةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْخَارِجِ مُقَارِنَةٌ لِوُجُودِ الْأَشْخَاصِ وَمَشَى مَنْ مَشَى مِنْ أَتْبَاعِ أَرِسْطُو مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى هَذَا وَهُوَ أَيْضًا غَلَطٌ. فَإِنَّ مَا فِي الْخَارِجِ لَيْسَ بِكُلِّيٍّ أَصْلًا وَلَيْسَ فِي الْخَارِجِ إلَّا مَا هُوَ مُعَيَّنٌ مَخْصُوصٌ. وَإِذَا قِيلَ الْكُلِّيُّ الطَّبِيعِيُّ فِي الْخَارِجِ فَمَعْنَاهُ إنَّمَا هُوَ كُلِّيٌّ فِي الذِّهْنِ يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ لَكِنْ إذَا وُجِدَ فِي الْخَارِجِ لَا يَكُونُ إلَّا مُعَيَّنًا لَا يَكُونُ كُلِّيًّا فَكَوْنُهُ كُلِّيًّا مَشْرُوطٌ بِكَوْنِهِ فِي الذِّهْنِ وَمَنْ أَثْبَتَ مَاهِيَّةً لَا فِي الذِّهْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute