فَهَكَذَا مَا فِي الْإِنْجِيلِ مِنْ الْخَبَرِ عَنْ صَلْبِ الْمَسِيحِ وَتَوَفِّيهِ وَمَجِيئِهِ بَعْدَ رَفْعِهِ إلَى الْحَوَارِيِّينَ لَيْسَ هُوَ مِمَّا قَالَهُ الْمَسِيحُ وَإِنَّمَا هُوَ مِمَّا رَآهُ مَنْ بَعْدَهُ وَاَلَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ هُوَ مَا سُمِعَ مِنْ الْمَسِيحِ الْمُبَلِّغِ عَنْ اللَّهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ الْحَوَارِيُّونَ قَدْ اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمَسِيحَ صُلِبَ وَأَنَّهُ أَتَاهُمْ بَعْدَ أَيَّامٍ وَهُمْ الَّذِينَ نَقَلُوا عَنْ الْمَسِيحِ الْإِنْجِيلَ وَالدِّينَ فَقَدْ دَخَلَتْ الشُّبْهَةُ. قِيلَ: الْحَوَارِيُّونَ وَكُلُّ مَنْ نَقَلَ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ إنَّمَا يَجِبُ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُمْ مَا نَقَلُوهُ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ الْحُجَّةَ فِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ. وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَمَوْقُوفٌ عَلَى الْحُجَّةِ إنْ كَانَ حَقًّا قُبِلَ وَإِلَّا رُدَّ؛ وَلِهَذَا كَانَ مَا نَقَلَهُ الصَّحَابَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ يَجِبُ قَبُولُهُ؛ لَا سِيَّمَا الْمُتَوَاتِرُ كَالْقُرْآنِ وَكَثِيرٌ مِنْ السُّنَنِ. وَأَمَّا مَا قَالُوهُ فَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَإِجْمَاعُهُمْ مَعْصُومٌ وَمَا تَنَازَعُوا فِيهِ رُدَّ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَعُمَرُ قَدْ كَانَ أَوَّلًا أَنْكَرَ مَوْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَقَدْ تَنَازَعُوا فِي دَفْنِهِ حَتَّى فَصَلَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ وَتَنَازَعُوا فِي تَجْهِيزِ جَيْشِ أُسَامَةَ وَتَنَازَعُوا فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا قَادِحًا فِيمَا نَقَلُوهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالنَّصَارَى لَيْسُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى صَلْبِ الْمَسِيحِ وَلَمْ يَشْهَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute