الْحَوَادِثَ الْمَشْهُودَ لَهُمْ حُدُوثُهَا هِيَ الْأَعْرَاضُ فَقَطْ كَمَا قَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي مَوَاضِعَ. ثُمَّ يُقَالُ: هَؤُلَاءِ يُثْبِتُونَ خَالِقًا لَا خَلْقَ لَهُ. وَهَذَا مُمْتَنِعٌ فِي بِدَايَةِ الْعُقُولِ؟ فَلَمْ يُثْبِتُوا خَالِقًا. وَالكَرَّامِيَة وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ: الْخَلْقُ غَيْرُ الْمَخْلُوقِ فَهُمْ يَقُولُونَ بِحُدُوثِ الْخَلْقِ بِلَا سَبَبٍ يُوجِبُ حُدُوثَهُ. وَهَذَا أَيْضًا مُمْتَنِعٌ. فَمَا أَثْبَتُوا خَالِقًا. وَأَيْضًا فَهَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: الْمُوجِبُ لِلتَّخْصِيصِ بِحُدُوثِ مَا حَدَثَ دُونَ غَيْرِهِ هُوَ إرَادَةٌ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ. فالكَرَّامِيَة يَقُولُونَ: هِيَ الْمُخَصَّصُ لِمَا قَامَ بِهِ وَمَا خَلَقَهُ. وَهَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ لَمْ يَقُمْ بِهِ شَيْءٌ يَكُونُ مُرَادًا بَلْ يَقُولُونَ: هِيَ الْمُخَصَّصُ لِمَا حَدَثَ. وَالطَّائِفَتَانِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ يَقُولُونَ: تِلْكَ الْإِرَادَةُ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ لَمْ تَزَلْ عَلَى نَعْتٍ وَاحِدٍ ثُمَّ وُجِدَتْ الْحَوَادِثُ بِلَا سَبَبٍ أَصْلًا. وَيَقُولُونَ: مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُخَصِّصَ مِثْلًا عَلَى مِثْلٍ وَمِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَتَقَدَّمَ عَلَى الْمُرَادِ تَقَدُّمًا لَا أَوَّلَ لَهُ. فَوَصَفُوا الْإِرَادَةَ بِثَلَاثِ صِفَاتٍ بَاطِلَةٍ يُعْلَمُ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ أَنَّ الْإِرَادَةَ لَا تَكُونُ هَكَذَا وَهِيَ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْخَلْقِ وَالْحُدُوثِ فَإِذَا أُثْبِتَتْ فَلَا خَلْقَ وَلَا حُدُوثَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute