- إذْ سَلْبُ الْقُدْرَةِ فِي الْمَأْمُورِ نَظِيرُ إثْبَاتِ الْجَبْرِ فِي الْمَحْظُورِ - وَإِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَبْدَ قَادِرٌ مُسْتَطِيعٌ عَلَى خِلَافِ مَعْلُومِ اللَّهِ وَمَقْدُورِهِ. وَسَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا يُنْكِرُونَ هَذِهِ الْإِطْلَاقَاتِ كُلَّهَا لَا سِيَّمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ طَرَفَيْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ عَلَى بَاطِلٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ حَقٌّ أَيْضًا؛ بَلْ الْوَاجِبُ إطْلَاقُ الْعِبَارَاتِ الْحَسَنَةِ وَهِيَ الْمَأْثُورَةُ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا النُّصُوصُ وَالتَّفْصِيلُ فِي الْعِبَارَاتِ الْمُجْمَلَةِ الْمُشْتَبِهَةِ وَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ أَبْوَابِ أُصُولِ الدِّينِ أَنْ يَجْعَلَ مَا يَثْبُتُ بِكَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ وَإِجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ هِيَ النَّصُّ الْمُحْكَمُ، وَتَجْعَلَ الْعِبَارَاتِ الْمُحْدَثَةَ الْمُتَقَابِلَةَ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ الْمُشْتَمِلَةَ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فِي حَقٍّ وَبَاطِلٍ مِنْ بَابِ الْمُجْمَلِ الْمُشْتَبَهِ الْمُحْتَاجِ إلَى تَفْصِيلِ الْمَمْنُوعِ مِنْ إطْلَاقِ طَرَفَيْهِ. وَقَدْ كَتَبْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مَا قَالَهُ الأوزاعي وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ؛ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ مِنْ كَرَاهَةِ إطْلَاقِ الْجَبْرِ وَمِنْ مَنْعِ إطْلَاقِ نَفْيِهِ أَيْضًا.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا: الْقَوْلُ بِتَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ لَمْ تُطْلِقْ الْأَئِمَّةُ فِيهِ وَاحِدًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: صَاحِبُ الْخَلَّالِ فِي " كِتَابِ الْقَدَرِ " الَّذِي فِي مُقَدِّمَةِ " كِتَابِ الْمُقْنِعِ " لَهُ لَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ فَنَتَّبِعَهُ؛ وَالنَّاسُ فِيهِ قَدْ اخْتَلَفُوا فَقَالَ قَائِلُونَ: بِتَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ وَنَفَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute