للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَجْرَ الْكَامِلَ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ. وَقَدْ بَسَطْت الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنْت ارْتِبَاطَهَا بِقَاعِدَةٍ كَبِيرَةٍ فِي أَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ أَوْ الْعَمَلَ الْوَاحِدَ يَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ مِنْ وَجْهٍ مَنْهِيًّا عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ وَأَنَّ هَذَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ خِلَافًا لِلْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ؛ وَقَدْ وَافَقَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ: مُتَكَلِّمِيهِمْ وَفُقَهَائِهِمْ؛ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ؛ فِي مَسْأَلَةِ الْعَمَلِ الْوَاحِدِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ. وَإِنْ كَانُوا مُخَالِفِينَ لَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد أَنَّ هَذَا الْعَمَلَ لَا يُجْزِئُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يُجْزِئُ كَقَوْلِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ لَكِنْ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ جَعَلَهَا عَقْلِيَّةً وَرَأَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ عَقْلًا وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُعْتَزِلَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَشْعَرِيَّةِ كَابْنِ الْبَاقِلَانِي وَابْنِ الْخَطِيبِ.

فَالْكَلَامُ فِي مَقَامَيْنِ: فِي الْإِمْكَانِ الْعَقْلِيِّ؛ وَفِي الْإِجْزَاءِ الشَّرْعِيِّ. وَالنَّاسُ فِيهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَمْتَنِعُ عَقْلًا وَيَبْطُلُ شَرْعًا. وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ