للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَأْمُورُ بِهِ وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ مِمَّنْ سَلَكَ مَسْلَكَ الْمُتَكَلِّمِينَ - أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ فِي مَسَائِلِ الْقَدَرِ فَنَصَرَ مَذْهَبَ جَهْمٍ وَالْجَبْرِيَّةِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ: {الذِّكْرَى} يَتَنَاوَلُ التَّذَكُّرَ وَالتَّذْكِيرَ. فَإِنَّهُ قَالَ: {فَذَكِّرْ إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} . فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَنَاوَلَ ذَلِكَ تَذْكِيرَهُ.

ثُمَّ قَالَ: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} . وَاَلَّذِي يَتَجَنَّبُهُ الْأَشْقَى هُوَ الَّذِي فَعَلَهُ مَنْ يَخْشَى وَهُوَ التَّذَكُّرُ. فَضَمِيرُ الذِّكْرَى هُنَا يَتَنَاوَلُ التَّذَكُّرَ وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ التَّذْكِيرِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ لَمْ يَتَجَنَّبْهُ أَحَدٌ. لَكِنْ قَدْ يُرَادُ بِتَجَنُّبِهَا أَنَّهُ لَمْ يَسْتَمِعْ إلَيْهَا وَلَمْ يُصْغِ كَمَا قَالَ: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} . وَالْحُجَّةُ قَامَتْ بِوُجُودِ الرَّسُولِ الْمُبَلِّغِ وَتَمَكُّنِهِمْ مِنْ الِاسْتِمَاعِ وَالتَّدَبُّرِ لَا بِنَفْسِ الِاسْتِمَاعِ. فَفِي الْكُفَّارِ مَنْ تَجَنَّبَ سَمَاعَ الْقُرْآنِ وَاخْتَارَ غَيْرَهُ كَمَا يَتَجَنَّبُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سَمَاعَ أَقْوَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُونَ إذَا ذُكِّرُوا فَتَذَّكَّرُوا كَمَا قَالَ: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} . فَلَمَّا قَالَ: {فَذَكِّرْ إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} فَقَدْ يُرَادُ بِالذِّكْرَى نَفْسُ