وَكَذَلِكَ " الرِّبَا " حُرِّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ الظُّلْمِ وَأَوْجَبَ أَلَّا يُبَاعَ الشَّيْءُ إلَّا بِمِثْلِهِ ثُمَّ أُبِيحَ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ خَرْصًا عِنْدَ الْحَاجَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنَّهَا تُحَرَّمُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ. وَلِهَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - نَفَى التَّحْرِيمَ عَمَّا سِوَاهَا وَهُوَ التَّحْرِيمُ الْمُطْلَقُ الْعَامُّ فَإِنَّ الْمَنْفِيَّ مِنْ جِنْسِ الْمُثْبَتِ فَلَمَّا أَثْبَتَ فِيهَا التَّحْرِيمَ الْعَامَّ الْمُطْلَقَ نَفَاهُ عَمَّا سِوَاهَا. و " الْمَقَامُ الثَّانِي " أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَا يَفْعَلُ فِي الْإِنْسَانِ وَيَأْمُرُ بِهِ وَيُبِيحُهُ وَبَيْنَ مَا يَسْكُتُ عَنْ نَهْيِ غَيْرِهِ عَنْهُ وَتَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ مَا لَوْ نَهَى عَنْهُ حَصَلَ مَا هُوَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْهُ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ وَلَمْ يُبِحْهُ أَيْضًا. وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ إنْكَارُ الْمُنْكَرِ بِمَا هُوَ أَنْكَرُ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا حُرِّمَ الْخُرُوجُ عَلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ بِالسَّيْفِ؛ لِأَجْلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ؛ لِأَنَّ مَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَرْكِ وَاجِبٍ أَعْظَمَ مِمَّا يَحْصُلُ بِفِعْلِهِمْ الْمُنْكَرَ وَالذُّنُوبَ وَإِذَا كَانَ قَوْمٌ عَلَى بِدْعَةٍ أَوْ فُجُورٍ وَلَوْ نُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَقَعَ بِسَبَبِ ذَلِكَ شَرٌّ أَعْظَمُ مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْكِنْ مَنْعُهُمْ مِنْهُ وَلَمْ يَحْصُلْ بِالنَّهْيِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ لَمْ يُنْهَوْا عَنْهُ. بِخِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ وَأَتْبَاعَهُمْ مِنْ دَعْوَةِ الْخَلْقِ؛ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ يَحْصُلُ بِهَا مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى مَفْسَدَتِهَا كَدَعْوَةِ مُوسَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute