وَشُرِعَ فِي الْحَجِّ. وَأَمَّا الْإِحْرَامُ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْحَلْقُ فَلَا يُشْرَعُ إلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَأَمَّا سَائِرُ الْمَنَاسِكِ مِنْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَرَمْيِ الْجِمَارِ فَلَا يُشْرَعُ إلَّا فِي الْحَجِّ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَسَّرَهُ لِلنَّاسِ وَجَعَلَ لَهُمْ التَّقَرُّبَ بِهِ مَعَ الْإِحْلَالِ وَالْإِحْرَامِ فِي النسكين وَفِي غَيْرِهِمَا فَلَمْ يُوجِبْ فِيهِ مَا أَوْجَبَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا حَرَّمَ فِيهِ مَا حَرَّمَهُ فِي الصَّلَاةِ. فَعُلِمَ أَنَّ أَمْرَ الصَّلَاةِ أَعْظَمُ: فَلَا يُجْعَلُ مِثْلَ الصَّلَاةِ.
وَمَنْ قَالَ مِنْ الْعُلَمَاءِ: إنَّ طَوَافَ أَهْلِ الْآفَاقِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْمَسْجِدِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُمْكِنُهُمْ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِمَكَّةَ، وَالْعَمَلُ الْمَفْضُولُ فِي مَكَانِهِ وَزَمَانِهِ يُقَدَّمُ عَلَى الْفَاضِلِ لَا لِأَنَّ جِنْسَهُ أَفْضَلُ كَمَا يُقَدَّمُ الدُّعَاءُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ عَلَى الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ وَيُقَدَّمُ الذِّكْرُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى الْقِرَاءَةِ لِأَنَّ {النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا وَسَاجِدًا} وَكَمَا تُقَدَّمُ الْقِرَاءَةُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَكَمَا تُقَدَّمُ إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَفُوتُ وَذَلِكَ لَا يَفُوتُ وَكَمَا إذَا اجْتَمَعَ صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَغَيْرُهَا قُدِّمَ مَا يُخَافُ فَوَاتُهُ فَالطَّوَافُ قُدِّمَ لِأَنَّهُ يَفُوتُ الْآفَاقِيَّ إذَا خَرَجَ فَقُدِّمَ ذَلِكَ لَا لِأَنَّ جِنْسَهُ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ بَلْ وَلَا مِثْلُهَا فَإِنَّ هَذَا لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute