للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ وَبَيْنَ مَا نَهَى عَنْهُ وَإِلَّا خَرَجَ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بِحَسَبِ خُرُوجِهِ عَنْ هَذَا فَإِنَّ الرُّبُوبِيَّةَ الْعَامَّةَ قَدْ أَقَرَّ بِهَا الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} . وَإِنَّمَا يَصِيرُ الرَّجُلُ مُسْلِمًا حَنِيفًا مُوَحِّدًا إذَا شَهِدَ: أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. فَعَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ بِحَيْثُ لَا يُشْرِكُ مَعَهُ أَحَدًا فِي تَأَلُّهِهِ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ وَعُبُودِيَّتِهِ وَإِنَابَتِهِ إلَيْهِ وَإِسْلَامِهِ لَهُ وَدُعَائِهِ لَهُ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَمُوَالَاتِهِ فِيهِ؛ وَمُعَادَاتِهِ فِيهِ؛ وَمَحَبَّتِهِ مَا يُحِبُّ؛ وَبُغْضِهِ مَا يُبْغِضُ وَيَفْنَى بِحَقِّ التَّوْحِيدِ عَنْ بَاطِلِ الشِّرْكِ؛ وَهَذَا فَنَاءٌ يُقَارِنُهُ الْبَقَاءُ فَيَفْنَى عَنْ تَأَلُّهِ مَا سِوَى اللَّهِ بِتَأَلُّهِ اللَّهِ تَحْقِيقًا لِقَوْلِهِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَيَنْفِي وَيَفْنَى مِنْ قَلْبِهِ تَأَلُّهَ مَا سِوَاهُ؛ وَيُثْبِتُ وَيُبْقِي فِي قَلْبِهِ تَأَلُّهَ اللَّهِ وَحْدَهُ؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ -: {مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ} وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: {مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ} وَقَالَ فِي الصَّحِيحِ: {لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِنَّهَا حَقِيقَةُ دِينِ الْإِسْلَامِ فَمَنْ مَاتَ عَلَيْهَا مَاتَ مُسْلِمًا} . وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا أَلَّا نَمُوتَ إلَّا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} وَقَالَ الصِّدِّيقُ {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} وَالصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ الْمَوْتَ وَلَمْ يَتَمَنَّهُ. وَإِنَّمَا سَأَلَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ يَمُوتُ عَلَى الْإِسْلَامِ؛ فَسَأَلَ الصِّفَةَ لَا الْمَوْصُوفَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِذَلِكَ؛ وَأَمَرَ بِهِ خَلِيلَهُ إبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ؛ وَهَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ؛ مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.